اتساع نطاق التظاهرات في السودان رفضاً للغلاء
شهد السودان، أمس، تظاهرات جديدة احتجاجاً على ارتفاع الأسعار، وردد المشاركون هتافات تستهدف الحكومة بشكل متزايد، غداة اعمال عنف وقعت في الخرطوم ومدن اخرى عدة، في اليوم الثامن من تعبئة بدأها طلاب جامعة الخرطوم، فيما أكد الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة السودانية، العقيد الصوارمي خالد سعد، استقرار الأوضاع الأمنية وهدوئها على طول الشريط الحدودي مع دولة جنوب السودان، غير انه اشار، في تصريحات للإذاعة السودانية، إلى وجود حشود اعداد كبيرة من جيش الحركة الشعبية لدولة الجنوب بالمناطق الحدودية، مشيرا الى ان القوات المسلحة تمسك بزمام المبادرة وتراقب الموقف عن كثب.
وتفصيلاً، ردد نحو 200 متظاهر في سوق في القضارف (شرق) حيث تجمعوا للتنديد بارتفاع الأسعار الغذائية «لن نُحكم بنظام ديكتاتوري»، قبل ان تفرقهم الشرطة بالهراوات كما قال شهود. وأشار مراسل وكالة «فرانس برس» الى ان تظاهرة تحولت الى مواجهة، أمس، في جنوب الخرطوم، حيث تم احراق اطارات وحصل رشق بالحجارة، وتم اطلاق الغاز المسيل للدموع.
وجرت مواجهات مماثلة، أول من أمس، في العديد من احياء العاصمة ومدن اخرى، ما شكل اكبر حركة تعبئة منذ بدء حركة الاحتجاج التي اطلقها طلاب في الخرطوم في 16 يونيو. وفي كل مرة تستخدم الشرطة القوة لتفريق المتظاهرين بأسرع وقت ممكن.
وهذه الحركة ترمز إلى «الرفض الواسع لسياسات الاضطهاد التي يقوم بها النظام وفشله في حكم هذا البلد»، كما اعلنت حركة الشبان الناشطين «التغيير الآن للسودان» في بيان.
واضاف البيان «على الحكومة ان تسحب فوراً اجراءات التقشف التي اعتمدتها والتي تدل على عدم توازن في النفقات لأنها تواصل اعطاء الأولوية للدفاع والأمن على حساب الخدمات الاجتماعية».
وغطى الدخان الأسود سماء العاصمة، الليلة قبل الماضية، وانتشرت رائحة الغاز المسيل للدموع الذي استخدمته الشرطة لتفريق التظاهرات التي اتسع نطاقها. وسجلت تظاهرات عدة في انحاء العاصمة ردد المشاركون فيها هتافات من بينها «لا لزيادة اسعار الغذاء» بينما تحول هذا الشعار في احد احياء جنوب العاصمة «الشعب يريد اسقاط النظام»، كما ذكر صحافي من وكالة «فرانس برس».
وفي الديم، وهو حي آخر، تصاعد الدخان الأسود من الإطارات المشتعلة ورشقت مجموعات من المتظاهرين بالحجارة مئات من عناصر الشرطة الذين ردوا بإطلاق الغاز المسيل للدموع، كما ذكر الصحافي. ووصلت التظاهرات لفترة قصيرة الى حي «تو» الذي يعيش فيه السودانيون الأغنياء ويضم مقار السفارات الأجنبية.
وفي مدينة ام درمان على الضفة الأخرى من نهر النيل، صفق نحو 200 متظاهر هاتفين «حرية». وعمد بعضهم الى احراق اطارات ورشق الشرطيين بالحجارة فردوا عليهم ايضا بالغاز المسيل للدموع، واستخدموا الهراوات والسياط.
وقال عضو المكتب السياسي في حزب الأمة المعارض، لطيف جوزف صباغ، إن «الطلاب ليسوا وحدهم» الذين نزلوا الى الشارع. واضاف ان «هذه التظاهرات كانت متوقعة، الوضع الاقتصادي للسودان سيئ للغاية». وأضاف «لا احد يمكنه تحديد» الحجم الذي ستصل اليه هذه الحركة، لافتاً الى ان حزب الأمة يحاول التفاوض مع حزب المؤتمر الوطني الحاكم «في محاولة لمعالجة المشكلات وتحسين الوضع في شكل سلمي».
ولجأت الشرطة الى القوة في سنار جنوب البلاد لتفريق تظاهرة ضمت 300 شخص، حسبما ذكر شهود عيان. وتحدث سكان عن تجمعات في الأبيض (400 كلم جنوب غرب الخرطوم) وواد ميداني (200 كلم جنوب شرق العاصمة). وتنظم التظاهرات احتجاجاً على التضخم الذي بلغت نسبته 30٪ في مايو حسب الأرقام الرسمية، ويمكن ان ترتفع مع خطة التقشف التي اعلنتها الحكومة، الأربعاء الماضي، خصوصاً رفع الدعم عن المحروقات.
ودانت منظمة العفو الدولية في بيان قمع التظاهرات والمضايقات التي يتعرض لها الصحافيون الذين يقومون بتغطيتها. اعتقل عدد كبير من ناشطي الأحزاب السياسية وحركات الشباب في الايام الأخيرة. وقالت المنظمة انه تم الإفراج عن معظمهم بسرعة، لكن هناك عدداً من الموقوفين الذين اتهموا، وآخرين لم يعرف مصيرهم. واضافت منظمة العفو ان «الحكومة لا تتسامح إطلاقاً مع التظاهرات».