ساركوزي يزور مسجد باريس. أرشيفية

مسلمو فرنسا رهن التجاذبات السياسية

وجد آلاف المسلمين الفرنسيين أنفسهم في خضم المعركة الانتخابية، واشتد السجال أخيراً بين الحزب الحاكم الذي يقوده الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والحزب الاشتراكي الذي يمثله فرانسوا هولاند واليمين المتطرف بزعامة مارين لوبن التي خلفت والدها على رأس هذا الحزب المثير للجدل. وكالعادة قبيل الانتخابات يسعى كل مرشح إلى كسب تعاطف الناخبين بشتى الطرق، إلا أن ملف الإسلاميين طغى على الملفات الأخرى هذه المرة، وبعد أحداث مدينة تولوز التي راح ضحيتها ثلاثة تلاميذ ومدرس في إحدى المدارس اليهودية على يد شاب فرنسي من أصول جزائرية، يعتقد أنه ينتمي إلى تيار متشدد، إلا أن القضية أخذت أبعاداً أخرى، فقد سارع ساركوزي إلى التنديد بالهجوم ومنع شخصيات إسلامية من الدخول إلى الأراضي الفرنسية، في الوقت الذي وجه رسالة شديدة اللهجة إلى القائمين على اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا. اهتم ساركوزي بـ«الإسلام الفرنسي» مباشرة بعد توليه منصب وزير الداخلية في ،2002 عقب إعادة انتخاب الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك. ولا يعتبر ساركوزي المسؤول الفرنسي الأول الذي أعطى الإسلام هذه الأهمية، فقد عمل سلفه بلاس بوفو، على إنشاء منظمة تمثل مسلمي فرنسا. ومنذ الثمانينات من القرن الماضي أصبح الإسلام الديانة الثانية في فرنسا بعد المسيحية، وبات محل نقاش يتسع يوماً بعد يوم، منذ ذلك الحين. وخلال بحثه عن حلفاء له بين المسلمين تم إنشاء المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية في ،2003 ويكون بذلك قد وجد بديلا لمسجد باريس الكبير الذي يتمتع بنفوذ كبير في أوساط الجالية المسلمة. وفي هذا السياق يقول مستشار سابق لساركوزي، عندما كان وزيرا للداخلية، «إنه (المجلس) أشبه بحزب شيوعي محكم التنظيم ويحافظ على النظام».

واستمر شهر العسل بين الجمعيات الإسلامية والوزير سنوات، إلا أن هذا الأخير سعى دائما لاختراق سياسي لهذه الجمعيات التي عادة ما تصوت لمصلحة اليسار. وجاء قانون منع ارتداء النقاب في المدارس في ،2004 الذي أيده الرئيس الفرنسي جاك شيراك آنذاك، ليسهم بشكل كبير في توتر العلاقات بين السلطة والهيئات الإسلامية الفرنسية. وازدادت العلاقة توترا في العام الذي تلاه، حيث شهدت ضواحي باريس احتجاجات شبابية وأعمال شغب، ما دفع ساركوزي إلى تشديد اللهجة ضد المهاجرين. وعندما أصبح رئيساً في 2007 بادر بالانتقام من مجلس الديانة الفرنسي، من خلال النزول ضيفاً على مسجد باريس في يوم من أيام رمضان لتناول الإفطار. وفي غضون ذلك، يرى مراقبون أن الرئيس الفرنسي استغل الهجمات الأخيرة في تولوز لتحسين شعبيته المتراجعة، وأظهر استطلاع رأي أجري أخيراً، ارتفاع شعبية ساركوزي بعد مقتل مهاجم تولوز محمد مراح ونجح في تقليص الفارق بينه وبين المرشح الاشتراكي هولاند. ومن المتوقع أن يزداد الضغط على المسلمين في فرنسا بسبب هذه الأحداث، وتقول منظمة مستقلة تعنى بمكافحة كراهية الإسلام في فرنسا ان المحجبات باتوا الأكثر عرضة للمضايقات والعنف. ويقول المسؤول في وكالة «أريان للسفريات» في باريس جمال عفوف «صحيح أن فرنسا دولة قانون، لكنها دولة قانون للجميع باستثناء المسلمين»، مضيفاً أن هذا الوضع دفع عدداً من الفرنسيين المسلمين للتفكير في هجرة بلدهم. وفي المقابل يبدو قادة المنظمات الإسلامية واعين جيداً لما يحاك ضدها، ومحاولات استهداف المسلمين في فرنسا، وفي ذلك يقول القيادي محمد موسوي انه يطمح إلى «فصل للإسلام عن الإرهاب بشكل قاطع». وطالب موسوي بالتخلي عن مصطلحات من شأنها أن تلحق الأذى النفسي بالمسلمين الذين يحاولون الدفاع عن كرامتهم ومعتقداتهم.

الأكثر مشاركة