بن بلة.. رحيل قائد وطني

بعد حياة حافلة بالأحداث والإنجازات توفي المناضل الجزائري أحمد بن بلة، عن عمر ناهز 96 عاماً. ولم يكن بن بلة الذي ولد في غرب الجزائر، بالقرب من الحدود المغربية، يعلم أن الأقدار ستسوقه إلى السياسة والنضال ضد المستعمر الفرنسي، فقد بدأ حياته محباً لكرة القدم ولاعباً مميزاً، وربما كان حلمه أن يكون نجماً من نجوم كرة القدم، فقد اتخذ من فترة تجنيده للخدمة العسكرية سنة ،1937 فرصة للبرهنة على مواهبه الكروية، ونجح في لفت الأنظار إليه، فكان أول «مسلم» ينضم إلى المنتخب العسكري الفرنسي، الشيء الذي فتح له أبواب التألق، بعد تسريحه من الخدمة، إذ أصبح عام 1939 قلب هجوم نادي أولمبيك مارسيليا، أشهر أندية الكرة الفرنسية، إلا أن حسه الوطني دفعه إلى الانخراط في العمل السياسي وهو في ريعان شبابه، ليصبح لاحقاً أحد المؤسسين البارزين لحزب جبهة التحرير الوطني.

ألقت السلطات العسكرية الفرنسية القبض على أحمد بن بلة في ،1950 وسجنته لمدة سنتين في العاصمة الجزائرية، قبل أن تحكم عليه مجدداً بالسجن سبع سنوات، لكنه نجح في الفرار من السجن في ،1952 والتحق بالقاهرة، حيث كان يوجد زعيمان جزائريان آخران هما حسين أيت أحمد ومحمد خيضر، إلا أنه سجن مرة أخرى في ،1956 بعد عملية قرصنة جوية نفذها الطيران، ليكون بن بلة من بين القادة التاريخيين الذين تعرضوا لأول عملية قرصنة جوية قامت بها القوات الجوية الفرنسية ضد الطائرة التي كانت تقل الوفد الجزائري المكون من بن بلة ومحمد بوضياف ورابح بيطاط وحسين آيت أحمد ومصطفى لشرف من المغرب، الذين التقوا الملك محمد الخامس وولي العهد الحسن الثاني، في طريقهمأ إلى تونس، وتم اقتياد المجموعة إلى السجن، وبقي معتقلاً فيه إلى حين الاستقلال، وأطلق سراحه سنة .1962

وبعد استقلال الجزائر عن فرنسا، أصبح بن بلة أول رئيس منتخب للدولة الجديدة في 15 سبتمبر ،1963 إلا أن الحكم المدني لم يدم طويلاً، إذ تعرض بن بلة لانقلاب نفذه وزير الدفاع آنذاك هواري بومدين، وظل رهن الإقامة حتى تولى الرئيس الشاذلي بن جديد الذي أصدر عفواً عنه في ،1980 وفضل مغادرة البلاد ليستقر في سويسرا، وأنشأ الحركة الديمقراطية بالجزائر، وكانت هذه الحركة تصدر مجلتين هما «البديل» و«منبر أكتوبر».

وعاد بن بلة إلى الجزائر بعد أحداث أكتوبر 1988 ضد نظام بن جديد، التي راح ضحيتها نحو 400 قتيل، مستفيداً من الانفتاح السياسي الذي عرفته الجزائر في تلك الفترة، الذي سمح بإنشاء أحزاب سياسية معارضة ووسائل إعلام خاصة.

وكرد لاعتبار الزعيم الثوري قام الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، الذي تولى الحكم في 1999 بإلغاء الاحتفال بيوم 15 يونيو، وهو يوم الانقلاب على حكمه، وأنهى الزعيم العربي آخر سنوات حياته مناضلاً يدافع عن فلسطين والعراق والقضايا الإفريقية.

الأكثر مشاركة