أسانغ:غامض مشبوه وداعية شفافية
انتهت جولة موقع «ويكليكس» الثانية بكشفه 400 ألف وثيقة بشأن الحرب الأميركية على العراق، لكن اللغز الذي ظل أكثر استعصاء بعد الكشف، هو شخصية مؤسس الموقع جوليان أسانغ، الذي صوره مريدوه على أنه مقاتل الحرية والشفافية الأول في العالم، فيما كشف خصومه عن جوانب سوداء في شخصيته لا تؤهله بالمرة لهذه التسمية.
بدأ جوليان أسانغ حياته بدراسة الفيزياء والرياضيات، لكنه بعد فترة تحول عنها إلى الإنترنت، إذ عرف بشغفه الشديد بدراسته ومتابعة كل جديد فيه.
في عام 1991 دهمت الشرطة الفيدرالية الأسترالية، منزل اسانغ، لاتهامه بالقرصنة على كمبيوتر جامعة استرالية، وشركة اتصالات كندية، وفي عام 1992 اعتبر مذنباً بـ24 جريمة، وحكم عليه بدفع غرامة قدرها 2100 دولار أسترالي.
وفي عام ،1994 بدأ أسانغ مسيرته المهنية مبرمجاً في مدينة ملبورن الأسترالية، وفي عام 1995 ساعد على تأليف كتاب عن القرصنة الإلكترونية، إذ حصل بعدها على صفة باحث، كما قام في عام 1997 بابتكار نظام ترميز إلكتروني، تحول فيما بعد إلى برنامج أطلق عليه اسم لينوكس، واستمر في عمله بهذه الصورة حتى أنشأ موقع «ويكيليكس» عام ،2006 وهو عبارة عن موقع يعمل فيه تسعة أشخاص، ويشرف على إدارته. ورغم ان الصحف وصفته بأنه رئيس تحرير ومؤسس الموقع، إلا انه قال «لا أقول عن نفسي بأني مؤسس الموقع».
لكن أسانغ، الذي امتلك هذا التاريخ اللصوصي، أربك متابعيه، عندما أعطى نفسه طابعاً سياسياً نضالياً في نشاطاته الصحافية الإلكترونية، توجه بحصوله عام 2009 على جائزة الإعلام لمنظمة العفو الدولية، عندما تمكن من الكشف عن عمليات اغتيالات غير قانونية في كينيا، من خلال تحقيق أطلق عليه عنوان «صرخة الدم»، وقال عندما تسلم تلك الجائزة «ان هذا العمل يمثل انعكاساً لشجاعة وقوة المجتمع المدني في كينيا، حيث تم توثيق هذه الأعمال غير القانونية»، كما تلقى عام 2010 جائزة «سام آدامز» للأمن السوي.
وفي سبتمبر ،2010 انتخب أسانغ في المرتبة 23 من بين 50 رجلا الأكثر نفوذا في العالم، من قبل مجلة «نيوستيتمان» البريطاينة .
أثار اسانغ ضجة عالمية كبيرة عندما نشر نحو 400 الف وثيقة سرية تخص الجيش الأميركي عن الحرب في العراق وأفغانستان، وكشف عن الانتهاكات التي ارتكبتها القوات الأميركية والبريطانية في العراق وأفغانستان، وبناء عليه تعرض للتهديد من عدد من الأطراف التي اعتبرت أن هذا النشر يشكل خطراً على قواتها ومدنييها، ولكن اسانغ الذي اصبح مشاكساً سياسياً عالمياً، رد بالقول إنه «لن يكترث لكل ما أثير حوله، وسيعمد الى نشر المزيد مستقبلا».
لكن خصوم اسانغ أيضا كانوا بالمرصاد، ففي مايو ،2010 وعقب نشره وثائق أفغانستان، ولدى عودته إلى استراليا، حاولت سلطات هذا البلد ان تحرمه من جواز سفره، بحجة انه أصبح بالياً. وفي الثاني من اغسطس الماضي حقق معه في اتهام سحب لاحقاً باغتصاب امرأة في السويد، اتهام ربما كان الغرض منه التلويح بتهديد ما للرجل، أو تلطيخ صورته، بحيث تظل خطوطها دوماً متداخلة.