مقاتلون من «قسد» في بلدة الباغوز عقب السيطرة عليها. رويترز

«قسد» تسيطر على «الباغـوز» خط دفاع «داعش» بآخر جيوبه في سوريــة

سيطرت قوات سورية الديمقراطية (قسد)، أمس، على بلدة الباغوز فوقاني شرق نهر الفرات بريف دير الزور، بعد اشتباكات مع «داعش»، ليخسر التنظيم الإرهابي خط دفاعه الأول في آخر جيوبه داخل سورية. وقبل انعقاد مؤتمر ميونيخ الدولي للأمن، دعت وزيرة الدفاع الألمانية أورزولا فون دير لاين إلى عدم التراخي في مكافحة تنظيم «داعش».

وتفصيلاً، قالت مصادر عسكرية إن التحالف الدولي ساعد «قوات سورية الديمقراطية»، التي يقودها الأكراد، في السيطرة على كامل بلدة الباغوز فوقاني. وتعد هذه البلدة خط الدفاع الأول عن بقية النقاط التي يسيطر عليها مسلحو التنظيم شرق نهر الفرات، قرب الحدود مع العراق.

وبهذه السيطرة يتبقى لتنظيم «داعش» في جيبه الأخير نحو 500 مسلح، يسيطرون على بلدة السفافنة وأجزاء من قرية المراشدة والعرقوب التابعة لبلدة السوسة شرق نهر الفرات.

وكانت قوات «قسد» بدأت، السبت الماضي، حملتها الأخيرة لطرد «داعش» من المنطقة.

وتحاصر قوات «قسد» مقاتلي «داعش»، الذين كانوا يسيطرون في ما مضى على أجزاء كبيرة من سورية والعراق المجاور، من الشمال والشرق، ويطوقهم نهر الفرات من الغرب والجنوب، فيما تنتشر قوات الحكومة السورية وحلفاؤها على الضفة الغربية للنهر.

وتعد السيطرة على الباغوز والمناطق القريبة منها، نهاية لحملة عالمية ضد التنظيم المتطرف والتي بدأت قبل أربع سنوات.

وصرح المتحدث باسم قوات «قسد»، مصطفى بالي، أمس، بأن المعارك مستمرة مع مسلحي «داعش» في آخر منطقة يسيطر عليها التنظيم شرق سورية، وشدد على أن مسلحي التنظيم يبدون مقاومة شرسة.

وقال بالي: «قواتنا تتقدم عسكرياً على الأرض في الباغوز وأطرافها، إلا أن المواجهة شرسة جداً مع داعش».

وأضاف: «معظم مقاتلي داعش، خصوصاً الأجانب، لديهم خبرات سابقة في المعارك في كل من الشيشان وأفغانستان، كما أن مسلحي التنظيم الإرهابي يقاتلون من أجل المعقل الأخير وليس لديهم الكثير من الخيارات، فإما الموت أو الاستسلام».

ووصف الوضع الإنساني في المنطقة بأنه «سيئ للغاية»، وقال إنه يتم استخدام المدنيين المحاصرين في الباغوز دروعاً بشرية لعرقلة تقدم قوات سورية الديمقراطية.

وأشار إلى أن «الوضع داخل المخيمات التي تستضيف النازحين الفارين من المنطقة، هي أيضاً شديدة الصعوبة في ظل شح المساعدات الإنسانية».

ووفقاً لناشطين محليين، فقد فر أكثر من 1500 شخص من آخر جيب لـ«داعش» في شرق سورية خلال الساعات الـ48 الماضية.

وكان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، قال إن التنظيم قد هزم، وأعلن في ديسمبر أنه سيسحب جميع القوات الأميركية من سورية.

لكن ناشطين وبعض السكان في شرق سورية يقولون إن المسلحين مازالوا موجودين في مناطق تم استردادها، حيث يعدون العدة لتمرد مستقبلي.

وأشار نشطاء سوريون يتابعون الصراع عن كثب إلى مفاوضات جارية بين «داعش» وقوات «قسد» لفتح ممر للمتطرفين حتى يغادروا المنطقة المحاصرة.

وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبدالرحمن، ومدير شبكة دير الزور 24 الإعلامية، عمر أبوليلى، إن الخطة هي إجلاء مقاتلي «داعش» إلى منطقة قريبة من الحدود العراقية.

وذكر المرصد أن قادة «داعش» المحاصرين يملكون نحو 40 طناً من الذهب والنقود، بما يقدر قيمته بملايين الدولارات، ويأملون في حملها معهم.

وقالت منظمة «الصوت والصورة»، التي تقدم تقارير عن الفظائع في المناطق التي يسيطر عليها «داعش»، إنه تم التوصل بالفعل إلى اتفاق بشأن الإجلاء، وأضافت أن قادة التنظيم وافقوا على الكشف عن مصير الرهائن الأجانب الذين كانوا أو مازالوا محتجزين لديهم، وتسليم بعض كبار المقاتلين.

في سياق آخر، أكدت قيادات كردية سورية أن قضية استرداد الدول لرعاياها ممن انخرطوا في السابق في صفوف «داعش» ويجرى احتجازهم حالياً لدى قوات «قسد» لاتزال تراوح مكانها، إلا أنها لفتت إلى أن بعض الدول بدأت في استرداد رعاياها من زوجات عناصر التنظيم وأبنائهم.

من جانبها، دعت وزيرة الدفاع الألمانية، أورزولا فون دير لاين، إلى عدم التراخي في مكافحة «داعش»، حيث قالت في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية في برلين: «نعلم أن تنظيم داعش لم يُهزم، لكنه غير وجهه وطريقة تصرفه».

وذكرت الوزيرة أنه قبل بدء المؤتمر ستتباحث المجموعة الرئيسة لتحالف مكافحة «داعش»، التي تضم 13 دولة، حول المسار المقبل للمهمة، وقالت: «سنبحث على نحو مكثف كيفية درء ومكافحة الانتشار المتسلل والمتجاوز للحدود الإقليمية لتنظيم داعش عبر شبكات سرية».

ومن المنتظر أن يشارك في مؤتمر ميونيخ، الذي تجرى فعالياته من 15 حتى 17 فبراير الجاري، 600 من الشخصيات البارزة المعنية بالسياسة الأمنية، من بينهم نحو 30 رئيس حكومة ودولة ونحو 80 وزير خارجية ودفاع.

تجدر الإشارة إلى أن ألمانيا تشارك عسكرياً في مكافحة «داعش» في سورية والعراق.

ورحبت فون دير لاين بإبطاء الولايات المتحدة لخطط انسحابها من سورية، موضحة أنه من الجيد أن الولايات المتحدة «عدلت عن انسحاب متعجل لصياغة شروط أساسية للانسحاب»، مضيفة في المقابل أن مكافحة تنظيم «داعش» تتجاوز القضية السورية.

وعن تحقيق استقرار للأوضاع عقب انتهاء العمليات القتالية في سورية، قالت فون دير لاين: «هنا من الممكن أن تلعب أوروبا دوراً مهماً للغاية»، مشيرة إلى أن إعادة إعمار سورية ستستغرق أعواماً، وستتكلف مليارات اليورو، موضحة أنه لن يكون بمقدور روسيا أو الحكومة السورية تحقيق ذلك بمفردهما، وقالت: «لذلك يتعين علينا نحن الأوروبيين أن نوضح أننا سنقدم مساعدات إنسانية، لكن إعادة إعمار سورية ستكون مرهونة بشرط أن تكون العملية السياسية تحت عباءة الأمم المتحدة سارية على نحو يضمن عودة الأفراد الذين فروا من ديكتاتورية الأسد إلى بلدهم دون تعرضهم للخطر»، مؤكدة أيضاً ضرورة ضمان حقوق الأقليات، مثل الأكراد.

من ناحية أخرى، حذرت فون دير لاين الولايات المتحدة من عواقب انسحاب متعجل من أفغانستان، وقالت: «يعلم الأميركيون أننا نرى أنه ليس من السليم التخلي عن أفغانستان حالياً. عملية السحب الذكي للقوات يتعين أن تكون مرهونة دائماً بخطوات تقدم مستدامة في عملية السلام».

من ناحية أخرى، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس، بمقتل ثلاثة أشخاص وإصابة نحو 15 آخرين جراء قصف القوات السورية ريفي إدلب وحماة.

وقال المرصد، في بيان صحافي، أمس، إن شخصين قتلا وأصيب 10 أشخاص جراء قصف القوات السورية مدينة خان شيخون بالريف الجنوبي الشرقي من إدلب، مرجحاً ارتفاع عدد القتلى لوجود جرحى بحالات خطرة.

وأشار إلى تواصل الخروقات في مناطق سريان هدنة الروس والأتراك في المحافظات الأربع والمناطق منزوعة السلاح، حيث قصفت القوات السورية بأكثر من 60 قذيفة مناطق في قرى وبلدات اللطامنة ولحايا ومعركبة والبويضة بريف حماة الشمالي، ومدينة خان شيخون وبلدة التمانعة وقرية سكيك في الريف الجنوبي الشرقي من إدلب.

وحسب المرصد، استهدفت القوات السورية بالقذائف المدفعية مناطق في قرى الحويز والتوينة والحرية في سهل الغاب بريف حماة الشمالي الغربي، ما أسفر عن مقتل طفلة وإصابة نحو خمسة مواطنين بجراح في التوينة والحويز.

ولفت المرصد إلى مقتل 79 مدنياً بينهم 30 طفلاً و12 امرأة من قبل القوات السورية خلال تطبيق اتفاق الرئيسين الروسي والتركي.

وكان الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان اتفقا في شهر سبتمر الماضي في ختام لقاء جمعهما في منتجع سوتشي على إقامة منطقة منزوعة السلاح بمحافظة إدلب.

الأكثر مشاركة