أطفال يتجمعون خارج مخيمات مؤقتة للنازحين في إدلب بالقرب من الحدود التركية. أ.ف.ب

فرنسا ستنسحب عسكرياً مـن سورية عند التوصّل إلى «حلّ سياسـي»

قال وزير الخارجية الفرنسي، جان-إيف لودريان، أمس، إن فرنسا ستنسحب عسكرياً من سورية عندما يتمّ التوصل إلى «حل سياسي» في هذا البلد، فيما هددت تركيا بشن هجوم في شمال سورية، في حال تأخر الانسحاب الأميركي.

وفي التفاصيل، قال لودريان لقناة «سينيوز» الفرنسية: «نحن موجودون في العراق، وموجودون بشكل متواضع في سورية إلى جانب الأميركيين».

ونادراً ما يتم الاعتراف بوجود للقوات الفرنسية الخاصة في سورية من قبل السلطات الفرنسية.

وتابع لودريان: «بالتأكيد عندما يتم التوصل إلى حلّ سياسي سننسحب».

ورحب وزير الخارجية الفرنسي بـ«التغيّر» الظاهر لموقف الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، من الانسحاب من سورية. فبعدما أعلن بتسرع في ديسمبر الماضي عن سحب 2000 جندي أميركي من سورية، عاد وأكّد أن الانسحاب سيجري «بوتيرة ملائمة» للوضع.

وأضاف لودريان «اليوم يعلن (ترامب) أن الانسحاب سيجري بشكل أبطأ، وهذا على الأرجح نتيجة الضغوط المتعددة عليه، من ضمنها الضغط الفرنسي. وتحدّث معه الرئيس (إيمانويل) ماكرون مرات عدة، ويبدو أنه (ترامب) يتجه لتغيير أجده إيجابياً».

وتنشر باريس 1200 جندي في إطار التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب، وذلك عبر عمليات جوية ومدفعية، والقوات الخاصة في سورية، ودورات تدريبية للجيش العراقي.

وترى الحكومة الفرنسية مع ذلك أنه من الصعب القضاء كلياً على تنظيم «داعش» على الأرض من دون دعم الولايات المتحدة التي نفذت 90% من العمليات الجوية ضدّ التنظيم.

كذلك، أكد وزير الخارجية الفرنسي، أمس، ضرورة ضمان «أمن الأكراد (السوريين)، أفضل حلفائنا، على المستوى الدولي» في مكافحتهم لتنظيم «داعش»، والذين سيصبحون مهددين بشكل مباشر في حال الانسحاب الأميركي.

وتخشى فرنسا من عودة المتطرفين الأوروبيين، خصوصاً الفرنسيين، المحتجزين من قبل الأكراد في شمال شرق سورية، إلى بلادهم، وترغب في أن تتمّ محاكمتهم على الفور.

وأكد أكراد سورية عدم قدرتهم على ضمان احتجاز هؤلاء المتطرفين ومحاكمتهم في حال تعرضوا لهجوم تركي.

ومن المرجح أيضاً أن تستعيد دمشق سيطرتها على الأراضي التي تخضع للإدارة الكردية في حال انسحاب الأميركيين.

وقال لودريان «في شمال شرق سورية لانزال في حالة حرب، حتى ولو أعلن الرئيس ترامب عن سحب تدريجي للقوات الأميركية، وهنا سيكون من الضروري أيضاً النظر في حلول مطمئِنة للتأكد من أن هؤلاء الناس سيحاكمون»، من دون مزيد من التوضيح. من جانبه، حذر وزير الخارجية التركي، مولود تشاوش أوغلو، أمس، من أن أنقرة ستشن هجوماً في شمال سورية إذا تأخر الانسحاب الأميركي.

وقال في مقابلة مع شبكة «إن تي في»: «إذا تأخر (الانسحاب) مع أعذار سخيفة لا تعكس الواقع، مثل القول إن الأتراك سيقتلون الأكراد، فسننفذ قرارنا» شن عملية في شمال سورية.

ويلمّح تشاوش أوغلو بذلك إلى تصريحات نظيره الأميركي، نايك بومبيو، الذي أكد في الثالث من يناير أن واشنطن تريد التأكد من أن «الأتراك لن يقوموا بقتل الأكراد» في سورية بعد انسحاب أميركي.

وتتعلق الخلافات بين الدولتين بوحدات حماية الشعب الكردية، ففي حين تعتبرها أنقرة قوات «إرهابية»، تدافع عنها واشنطن لدورها الكبير في قتال «داعش».

ورفض الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بشدة، الثلاثاء الماضي، الموقف الأميركي الداعي الى ضمان حماية القوات الكردية المسلحة في شمال سورية لدى انسحاب القوات الاميركية. وتزامنت تصريحات أردوغان مع وجود مستشار الأمن القومي الأميركي، جون بولتون، في أنقرة.

وصرح بولتون أنه يجب توافر شروط، من بينها ضمان سلامة الحلفاء الأكراد قبل انسحاب القوات الأميركية من سورية، الذي أعلن عنه الرئيس الأميركي، دونالد ترامب. وقال تشاوش أوغلو إن «تركيا ستحارب وحدات حماية الشعب، سواء انسحبت الولايات المتحدة أو لم تنسحب».

في سياق آخر، قال تشاوش أوغلو إن تركيا قد تشتري صواريخ باتريوت من أميركا في المستقبل إذا كانت الشروط مناسبة، لكن ذلك سيكون مستحيلاً إذا أجبرت واشنطن أنقرة على التخلي عن شراء منظومة إس-400 التي اتفقت على شرائها من روسيا.

وأكد أن بلاده لن تقبل إملاءات أميركية بشأن شراء منظومة «إس-400» الدفاعية.

تجدر الإشارة إلى أن إعلان ترامب، الشهر الماضي، سحب قوات بلاده من سورية أثار مخاوف بشأن مصير المسلحين الأكراد الذين تعاونت معهم الولايات المتحدة في محاربة «داعش» في سورية.

من ناحية أخرى، أكد خبراء أهمية التنسيق مع الجانب الأميركي خلال الانسحاب من منطقة «التنف» السورية الحدودية المهمة «حفاظاً على المصالح الأمنية الأردنية»، وذلك في ظل دعوة وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، إلى عقد محادثات أردنية روسية أميركية حول مستقبل المنطقة.

ونقلت صحيفة «الغد» الأردنية، أمس، عن المحلل السياسي عريب الرنتاوي التأكيد على أهمية المنطقة التي تعد قاعدة مهمة لكل من الولايات المتحدة وإيران، بسبب موقعها على الحدود السورية العراقية، كما أنها مهمة للأردن «لقربها أيضاً من حدودنا مع سورية، وعلى مرمى حجر من مخيم الركبان المثير للقلق».

وقال رئيس «جمعية العلوم السياسية»، محمد مصالحة، إن منطقة التنف «تعتبر منطقة استراتيجية مهمة، خصوصاً بعد أن ظهرت وتنامت قدرة تنظيم داعش الإرهابي بالتحرك من خلالها لاختراق الحدود بين دول الإقليم المتجاورة».

بدوره، يرى العميد المتقاعد حافظ الخصاونة أن جيب التنف يمثل نقطة انطلاق عسكرية للسيطرة على كامل الشريط الحدودي بين سورية والعراق، مبيناً أنه في حال أرادت واشنطن المضي قدماً في سحب قواتها من هذا الجيب «فيستوجب عليها إيجاد تفاهمات دولية مع روسيا والأردن والعراق وسورية، وبالتالي تعزيز موقف روسيا ورؤيتها للحل في سورية».

الأكثر مشاركة