بالفيديو.. فلسطينية ستينية ترعى الأغنام بين مستوطنتين

قبل عام ٢٠١٧، كانت تعيش الحاجة فريدة شحادة (٦٠ عاماً) عاما حياة هادئة في قرية سالم شرق مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، تفني وقتها في عملها كراعية للماشية، من أجل توفير لقمة العيش لفلذات كبدها وأحفادها، مكملة مسيرة ٣٠ عاما من رحلة العمل، الذي مكنها من إعانة أولادها السبعة في الزواج، وتكوين أسرة صغيرة.

إلا أن تصاعد حدة اعتداءات المستوطنين في مستوطنة "ألون موريه"، ضد السكان الفلسطينيين، ضاقت بالحاجة فريدة شحادة ذرعا، وأجبرتها على مغادرة قرية سالم قبل أربعة أعوام مضت، بعد أن حدت تلك المضايقات والتوسع الاستيطاني من قدرتها على مواصلة عملها في قريتها الأصلية، لتنتقل إلى منطقة الأغوار بحثا عن الرزق، والعمل في تربية ورعاية الماشية، التي تعد مصدر دخل أسرتها الوحيد.

مشوار البحث عن العمل، وتوفير لقمة العيش، الذي امتد أكثر من ٢٠ كيلو مترا، من مدينة نابلس، وصولا إلى الأغوار على حدود الأراضي الفلسطينية مع الأردن، لم يكن أقل خطورة عن السابق، حيث تعمل وتقيم الراعية الستينية على مقربة من مستوطنة "الحمرا" الجاثمة على أراضي الفلسطينيين، فهي تضطر لتحمل اعتداءات المستوطنين وممارساتهم بالتضييق، بحثا عن لقمة العيش، لتصمد بشكل أكبر هي وعائلتها أمام المستوطنين وضنك العيش.

حصار واعتداءات

"الإمارات اليوم" التقت الحاجة فريدة شحادة داخل أرضها، الواقعة في خربة بيت حسن بقرية فروش بيت دجن إحدى مناطق الأغوار الفلسطينية، فهذه المنطقة تفتقر لأدنى مقومات الحياة من شبكات طرق ومياه وكهرباء، وكذلك البنى التحتية، أما المنزل الذي تعيش فيه هي وعائلتها، يتكون من الصفيح والأخشاب المتعاضدة، ويجاوره حظائر من الخيام تؤوي بداخلها الأغنام التي ترعاها.

وتقول راعية الأغنام الفلسطينية،" إن السكن والعمل في قرية سالم أحاطهما الاستيطان من جميع الاتجاهات، فمنزلي ببعد فقط ٤٠٠ متر عن شارع استيطاني التفافي يحاصره من ٣ جهات، وبدأت أعاني معاناة كبيرة في رعي الأغنام في الأراضي الرعوية حيث نمنع من الخروج برؤوس الماشية ودخول تلك الأراضي، إلى جانب تعرضنا لممارسات عنف واعتداء، التي لا تسلم منها حتى الأغنام، والتي تتعرض للقتل والسرقة على أيدي قطعان المستوطنين".

ولا يتوقف الأمر عند ذلك الحد، فمستوطنة ألون موريه حرمت قرية سالم من مساحات المراعي فيها، بسبب سلب أراضي المواطنين الفلسطينيين، وضمها لصالح توسعة حدود المستوطنة.

 

مشوار متواصل

هنا لم يبقى أمام الحاجة فريدة شحادة خيارا سوى الرحيل، والتوجه إلى مناطق الأغوار، حيث تمتلك أرضا رعوية، تبلغ مساحتها ٥ دونمات في قرية فروش بيت دجن، حيث لجأت إليها للابتعاد عن اعتداءات ومضايقات المستوطنين في قرية سالم، لممارسة العمل في رعاية رؤوس الماشية والأغنام.

وتقول الحاجة شحادة: "تركت أنا وعائلتي قرية سالم، وجئنا إلى أرضنا في قرية فروش بيت دجن بالأغوار، مصطحبين قطيع الأغنام الذي نمتلكه، هربا من ويل المآسي التي كنا نتعرض لها، لنقابل ذات المضايقات التي كانت تحيطنا من مستوطنة ألون موريه، فالمستوطنون يقتحمون المنطقة التي أعيش فيها، ويعتدون على رؤوس الماشية، ويصادروها عندما نرعاها في الأراضي القريبة من مستوطنة الحمرا، ويهدمون الخيام التي تؤوينا وحظائر الأغنام".

وتشير إلى أنه منذ أربعة أشهر، وضع مستوطن من مستوطنة الحمرا بيتا متنقلا "كرفان" على بعد ٧٠٠ متر من منزلها في خربة بيت حسن، وأمده بخطوط المياه والكهرباء، التي نحرم العائلات الفلسطينية منها، وباتت مساحات الأراضي القريبة من هذا الكرفان محرمة عليهم.

وتمضي الحاجة الستينية حديثها قائلة،" بفعل هذه المضايقات التعسفية، لم نتمكن من رعي الماشية في هذه المنطقة، لنضطر إلى صعود قمم الجبال لمباشرة العمل في مهنتنا، ولكن ذلك لم يجعلنا في معزل عن اعتداءات المستوطنين، وزحف مستوطنة الحمرا التي لا تبعد عن منزلنا وأرضنا سوى ١٥٠٠ متر".

وكانت الحاجة فريدة شحادة قد أجرت عملية جراحية منذ عدة شهور لاستئصال ورما سرطانيا في الدماغ، وعلى إثر ذلك باتت تعاني من صعوبة بالغة في حاسمة السمع، وتحتاج إلى أدوية يومية ورعاية صحية يشكل دائم، ورغم ذلك إلا أنها تمتلك إرادة صلبة وعزيمة لا تلين للعمل في حراثة أرضها، ورعاية وتربية رؤوس الأغنام التي تعد مصدر دخل أسرتها الوحيد، لتوفير العلاج اللازم الذي يزيد من قوة صمودها ومواجهتها لاعتداءات المستوطنين والزحف الاستيطاني، والمرض الذي ينهش جسدها.

وتضيف شحادة: "أعيش هنا في هذه المنطقة وأنا منسية من الجهات الحكومية التي لا تصل إلى هذه المنطقة بفعل اعتداءات المستوطنين، وهذه الجهات لا تقدم أي مساعدة لي على صعيد توفير الأدوية أو تقديم مشاريع تنموية، ولذلك أصر على البقاء عنها لحماية الأرض التي أمتلكها، وأؤمن العلاج اللازم الذي أحتاجه يوميا وتبلغ تكلفته ١٠٠ شيكل في اليوم الواحد".

الأكثر مشاركة