العائلة وطن.. والوطن عائلة

رؤية قائد يرى المستقبل من قلب الأسرة. وفي سلسلة عام المجتمع كنتُ أعود دائماً إلى فكرة بسيطة وعميقة: أن بناء المجتمع يبدأ من دوائره الصغيرة قبل أن يصل إلى ساحاته الكبيرة. وفي عيد الاتحاد لهذا العام، قدّم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، درساً متجدداً يؤكد هذه الحقيقة، حين قال - بفعله قبل قوله - إن العائلة تأتي أولاً، وإن نسيج الوطن يبدأ من العائلة.

وأقصد هنا العائلة بمفهومنا الإماراتي الواسع، الذي يضم تحت رايته أسراً مترابطة عدة تُشكل منظومة اجتماعية فريدة، تتكامل فيها المسؤوليات، وتتبادل فيها الخبرات، وتتعاظم عبرها قيم الموروث والعادات الأصيلة.

ظهر سموه في فيديو عفوي بين أبنائه وأحفاده، يشاركهم لحظة وطنية بملامح أبوية هادئة، وكأنه يذكّرنا بأن الاحتفال الحقيقي بالاتحاد هو احتفال بقوة الروابط التي تجمعنا. مشهد بسيط في ظاهره، لكنه في جوهره رسالة اجتماعية وتربوية وقيادية متكاملة: أن تماسك المجتمع لا يُصنع في القاعات الرسمية، بل ينمو داخل البيوت بتماسك العائلة وروابط أفرادها.

وأن استقرار الدولة يبدأ من استقرار العلاقات داخل الأسرة.

لقد قال الشيخ زايد، طيّب الله ثراه، إن الإنسان هو أساس أي نهضة. واليوم يضيف صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، امتداد هذه المعادلة: الأسرة هي أساس الإنسان. ومن هذه الرؤية، يصبح الحفاظ على ترابط العائلة ليس شأناً خاصاً، بل هو مسؤولية وطنية وركن في أمن المجتمع واستدامته.

وفي دولة تتجه بثقة نحو المستقبل، وتتبنى الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي والابتكار، تظل قيم العائلة هي البوصلة التي تمنح كل هذا المعنى والاتجاه. فلا تنمية بلا مجتمع قوي، ولا مجتمع قوي بلا أسر متماسكة تعيش قيمها وتنعم بالتكافل والدعم.

عيد الاتحاد ليس مجرد ذكرى تأسيس، بل مناسبة ننظر فيها إلى الداخل: إلى بيوتنا، إلى حواراتنا، إلى العلاقات التي تشكّل نسيج الإمارات. وإذا كان الوطن عائلة كبرى، فإن كل أسرة فيه خيط من خيوط الراية التي تُرفرف بثبات منذ أكثر من 50 عاماً.

وبهذا نؤكد في عام المجتمع: حين نعتني بالعائلة، نعتني بالوطن.

وحين نربي أبناءنا على قيمنا الموروثة، ونشجعهم على التعلم والاكتشاف، ونغرس فيهم الولاء والانتماء، فإننا نصنع مستقبل الإمارات.

فالوطن يبدأ من أسرة.. وكل أسرة لبنة في اتحاد تتجدد قوته كل يوم.

*نائب مدير جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية - قطاع الخدمات المساندة

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

مسؤولية ما ينشر في مقالات الرأي تقع على الكاتب وحده ، ولا تتحمل الصحيفة مسؤولية الآراء الواردة فيها.

الأكثر مشاركة