بداية العام الدراسي

في كل عام دراسي جديد، تتجدد الأمنيات بأن يكون هذا العام مختلفاً، أكثر اتزاناً، وأعمق أثراً، لكن التميّز لا يتحقق بالمقررات الجديدة أو الجداول الزمنية وحدها، بل بمنظومة متكاملة، تتكاتف فيها الأسرة والمجتمع ومؤسسات الدولة مع الجهات التعليمية، لتوفير انطلاقة تربوية وإنسانية راسخة.

وقد تجسّد التكاتف هذا العام في مجموعة من القرارات والمبادرات التربوية والاجتماعية، التي لم تكتف بتنظيم العام الدراسي إدارياً، بل أعادت تصميمه بما يخدم الطالب كعضو فاعل، والأسرة كشريك، والمجتمع كحاضن للهوية والانتماء.

ولعل من أبرز هذه المبادرات، مواءمة التقويم المدرسي مع فصول العام وفعاليات الدولة، ما يُتيح للطلبة وأسرهم فرصة الالتقاء خلال فترات الشتاء والصيف، والاستفادة من العطلات بالانخراط في الأنشطة الوطنية والثقافية والمجتمعية التي تُقيمها الدولة، وهي خطوة تتجاوز فكرة «الإجازة»، لتصبح مساحة لصناعة الذكريات، وتعزيز الهوية الوطنية، وتطوير الخبرات، وتجديد الروابط الأسرية.

وفي السياق ذاته، جاءت مبادرة الساعات المرنة لأولياء الأمور خلال الأسبوع الأول من الدراسة، لتجسّد إيمان الدولة بأن الاستقرار النفسي للطالب يبدأ من لحظة خروجه من بيته، وأن مرافقة الأسرة له في خطوات العودة الأولى ليست خياراً إضافياً، بل ضرورة تؤثر في تحصيله الأكاديمي، وراحته النفسية، وأمانه العاطفي.

كما مثّلت قرارات، مثل إلغاء الامتحانات المركزية للفصل الثاني، والاستعاضة عنها بأدوات تقييم بديلة تُكسب الطلبة خبرات معرفية ومهارية تطبيقية، مؤشرات واضحة على نضج المنظومة التعليمية، وحرصها على التعلّم بوصفه رحلة ممتدة، وليس اختباراً مرحلياً.

إنها بداية دراسية جديدة، نعم، لكنها في حقيقتها بداية مجتمعية متكاملة، تكتب فصلاً جديداً في قصة تعليم تُبنى على الثقة، والشراكة، والانتماء.. فالبدايات القوية لا تصنعها القرارات وحدها، بل يصنعها ذلك الإيمان المشترك بأن كل طالب هو مشروع مستقبل. وأن الأسرة، والمعلّم، وصانع القرار، جميعهم يجتمعون مع الجهات التعليمية في مشهد واحد، مشهد الوطن الذي يربّي أبناءه على الأمل، والمسؤولية، والإبداع.

كل التمنيات بعام دراسي حافل بالنجاحات والإنجازات لأبنائنا وبناتنا، ولمن يقفون خلفهم بكل إخلاص.

*نائب مدير جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية - قطاع الخدمات المساندة

 لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

الأكثر مشاركة