وطن يُراهن على الإنسان أولاً
في ظل سعي دولة الإمارات المستمر نحو ترسيخ قيم الاستقرار الأسري والمجتمعي، برزت مبادرة «بيئة عمل داعمة للوالدين» التابعة لهيئة أبوظبي للطفولة المبكرة، كأحد المحاور الحيوية التي تسهم بفاعلية في دعم وتمكين الأسرة، بما يعكس رؤية الدولة لأهمية التكامل بين الحياة المهنية والأسرية، وبما يحقق أهدافاً أسمى لمجتمع متماسك ومستقبل مستدام.
وتقوم المبادرة على عدد من الركائز المميزة، أبرزها توفير مرونة العمل، وتعزيز إجازات الوالدين، وتخصيص مساحات صديقة للأطفال، ودعم الرعاية النفسية والاجتماعية للعاملين من الأمهات والآباء على حد سواء.
وعلى الرغم من أن بعض هذه المعايير موجود بالفعل في بعض جهات العمل، فإن تحويل المبادرة من إطار طوعي إلى اعتماد تدريجي لبعض المعايير الإلزامية يمكن أن يُحدث فرقاً جوهرياً ملموساً، ويُسرّع خطوات بناء ثقافة مؤسسية جديدة تتبنى مفهوم المسؤولية المشتركة تجاه تربية النشء.
فالتميّز الحقيقي بين المؤسسات لن يقتصر على مجرد استيفاء الحد الأدنى من متطلبات المبادرة، بل سيظهر في مدى احتضان بيئة العمل لروح المبادرة والغاية الأساسية منها، ودعم فرق العمل والمديرين لتطبيق الامتيازات بمرونة وإنسانية تعكس الإيمان العميق بأهمية الدور التربوي للآباء والأمهات تجاه أبنائهم بوصفه جزءاً لا يتجزأ من رسالتهم المهنية.
وعلى المدى البعيد، فإن ترسيخ هذا التوجه يسهم في بناء مجتمع يشعر فيه كل فرد بأنه شريك في صناعة أمان الآخرين، ويضمن تربية الأطفال في بيئة داعمة، تُعزز القيم، وتُسهم في إعداد أجيال واثقة ومتمكنة. وحين تحمل بيئة العمل همّ الأسرة، تُثمر كل جهود ومبادرات التنمية، ويتحول التمكين إلى ممارسة يومية تترجم الطموح الوطني إلى واقع مشهود.
إن دعم الوالدين في بيئة العمل ليس رفاهية بل مسؤولية وطنية واستثمار استراتيجي في رأس المال البشري، وفي مستقبل وطن يُراهن على الإنسان أولاً.
*خبيرة شؤون تعليم ومجتمع
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه