حوكمة الانضباط

الحوكمة تعني الانضباط، وهو ما يسمى GOVERNANCE باللغة الإنجليزية، وقد تم تعريف الحوكمة بمجموعة القواعد والإجراءات والضوابط التي تضعها المؤسسات الحكومية والخاصة لتحديد مسؤولية كل شخص أو إدارة أو قطاع في الجهة الواحدة. وقد يكون من المناسب التعرّض لنشأة الحوكمة ومراحل تطورها، والتي ظهرت الحاجة إليها في العديد من الاقتصاديات المتقدمة والناشئة خلال العقود القليلة الماضية، خصوصاً في أعقاب الانهيارات الاقتصادية والأزمات المالية التي شهدها عدد من دول شرق آسيا، وأميركا اللاتينية، وروسيا، في التسعينات من القرن الـ20، الأمر الذي حدا بالحكومات والشركات إلى وضع قواعد للحوكمة، وذلك لضبط عمل جميع أصحاب العلاقة مع الشركات العامة والخاصة لتفادي أي خسائر أو انهيارات في المستقبل. والحوكمة تم تطبيقها تدريجياً في الجهات والمؤسسات الحكومية لدينا في دولة الإمارات من خلال وضع التشريعات والقوانين والقرارات التنظيمية اللازمة، علاوة على تشكيل اللجان الضرورية، كلجنة الموارد البشرية والتدقيق الداخلي والشكاوى والتظلمات والمناقصات في كل جهة حكومية، وذلك لنشر ثقافة المراقبة والعدالة الوظيفية والشفافية والمصداقية والأمانة وتكافؤ الفرص بين الجميع. ولعل من أهم مبادئ الحوكمة أنها تقوم على الشفافية والمراقبة والمحاسبة والنزاهة والمساواة، وقد ظهر جلياً في السنوات الأخيرة مصطلح الحوكمة في تأسيس الشركات والمؤسسات الحكومية، وذلك من خلال عقد الكثير من الدورات والمؤتمرات لتفادي الفساد الإداري والمالي في أي جهة، مع ضرورة ترجمة قواعد ومعايير الحوكمة بصورة فعلية، ونقلها من الدراسة النظرية في الكتب إلى واقع عملي ملموس. وحتى يتم تطبيق الحوكمة بشكل صحيح لابد من تهيئة البيئة المناسبة، حتى نستطيع أن نرى حوكمة صحيحة فاعلة، وذلك من خلال وضع تشريع مناسب وهياكل تنظيمية تتماشى مع معايير الحوكمة، وتوزيع الأدوار بشكل واضح بين السلطات التنفيذية والإدارية في كل منظمة لتحقيق الأهداف المنشودة من وجود أي منظمة أو مؤسسة. ويبقى أن نتساءل: هل نحن جهات متحوكمة أم لا؟ والجدير بالذكر ونحن نحاكي برنامج الحوكمة أن نؤكد على استخدام الذكاء الاصطناعي في تطبيقات إجراءاتنا، لأنها تحمل معايير موحدة دون لبس أو شك أو استثناء، وبالتالي تتم عملية الحوكمة بشفافية، وعبر قنوات إلكترونية معلنة، تعتمد على رضا المتعاملين والعاملين بعدالة ودون تمييز، وتصدر عنها النتائج الفعلية والأرقام الحقيقية.

*أكاديمي وباحث

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

 

الأكثر مشاركة