رأي اقتصادي

لا سلام على طعام

فيصل محمد الشمري

الطعام والغذاء جزء مهم من ثقافة المجتمعات الإنسانية، ومن أهم المكونات الغذائية الخضراوات والفاكهة، وهي نتيجة أعمال الحرث والفلاحة في الأنشطة الزراعية سواء بتقنيات تقليدية أو متقدمة.

فالزراعة من أهم الحرف وأعرقها منذ بدء الحضارة البشرية، وركيزة اقتصاد العديد من الدول، بل وتعتبر عمود نمو بعض الدول، فالاقتصاد الزراعي أساس الأمن الغذائي وركيزة استراتيجية، كما أنها بيئة خصبة يمكن أن تسهم في توفير فرص عمل مستدامة للشباب.

وقد يواجه المزارع تحديات بعضها يتطلب جهوداً فردية، وأخرى تتطلب عملاً مؤسسياً مشتركاً، فمثلاً ما أعلنته كل من دائرة التنمية الاقتصادية وهيئة الزراعة والسلامة الغذائية في أبوظبي من استحداث أنشطة زراعية اقتصادية جديدة؛ خبر يثلج الصدر، نأمل أن تحذو حذوه بقية الجهات الأخرى المعنية في الدولة، ويعكس أن العمل بروح الفريق مع وضع الأهداف الاستراتيجية الخاصة بحل تحديات الأمن الغذائي موضع بحث بشفافية وتعاون بين القطاعات التنظيمية المعنية، هو السبيل الوحيد للوصول لتطلعات القيادة، ما يجعلنا نحقق قفزات نوعية في مؤشرات الأمن الغذائي.

فالمزارع الإماراتي هو نقطة البداية وحلقة الوصل في هذا الأمر، وتبسيط إجراءات الترخيص وتوفير الأنشطة التكاملية للعمليات الزراعية تحت مظلة ترخيص اقتصادي موحد، مع الحرص على خفض الرسوم وتبسيط الإجراءات، ستدعم العملية الاقتصادية وجدوى الاستثمار الزراعي المحلي، فالرخص الزراعية المتكاملة التي قد تتضمن أنشطة لا تقتصر على الحرفية وصغار المنتجين فقط، بل تتضمن السماح باستيراد البذور والنباتات والأسمدة ومحسنات التربة، بل وحتى تجارة المنتجات الغذائية، وتجهيز وتصنيع المواد الغذائية؛ أمر مهم وحيوي.

وما تعرض له بعض أصحاب البيوت البلاستيكية من صدمة وخسارة نتيجة قوانين العرض والطلب وعدم الالتزام بخطة الإرشاد الزراعي ووقوع انخفاض مفاجئ في أسعار الخضراوات، لدرجة أن أحدهم قام بنشر مقطع له وهو يستخدم الخيار كعلف؛ يجعلنا نطرح تساؤلاً: ماذا لو أن هذا الشخص كان مجهزاً ببديل مرخص وهو إنتاج المخللات أو غيرها من المواد الغذائية القائمة على صناعات تحويلية بسيطة دون هدر للمنتج أو تعرض لتقلبات السوق؟

إن هذه التحديات تجعلنا ننظر للجهود الحكومية المتميزة كقصص نجاح نوصي بتطويرها ودعمها عبر إطلاق مبادرات نوعية تكاملية لبحث سبل تطوير وزيادة الإنتاج الزراعي المحلي، وتعظيم العوائد على المنتج المحلي وحمايته، وتشكيل فرق عمل مشتركة تضم الجهات المذكورة أعلاه، وتتبع مجلس الأمن الغذائي، وتضم أيضاً البلديات وغيرها، ويتم طلب طرح مبادرات نوعية من كل جهة تخدم الغايات الوطنية النبيلة وتعالج التحديات التي يواجهها المزارع، فالأراضي الزراعية يراها البعض نطاق اختصاص يتبع البلديات من استخدام للأرض، بينما يجب أن يكون القرار بتأطير الاستخدام وتنظيمه مشتركاً بما يخدم المزارع، فهو ركيزة العملية الزراعية وعنصر نجاح أساسي في تحقيق الأمن الغذائي الوطني.

إن تعزيز المخزون الغذائي المحلي وزيادة الإنتاج الزراعي طموح قابل للتحقيق متى ما تم الجلوس وبحث مشكلات المزارعين ووضع الحلول لها، وهي ممارسة رأيناها من الجهات المذكورة أعلاه ووزارة الأمن الغذائي بنجاح، ونتطلع لانتقالها للجهات الأخرى المعنية بتنظيم العمليات الزراعية واستخدام الأراضي الزراعية بشكل تعاوني ومماثل لمفهوم الطاولة المستديرة، لتحقيق النتائج المنشودة.

- مستشار إداري داخلي غير مقيم في مركز الإمارات للمعرفة والاستشارات بكلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.  

تويتر