مهمة إنسانية بالبيانات

غبت عنكم بـ«#لحظات_البيانات»، خلال الفترة الماضية، لانشغالي بلحظات إنسانية كانت البيانات فيها واحدةً من مجموعة أدوات حاسمة لإنقاذ الأرواح، وواجب التصدي لفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، وقد تشرّفت بأن أسهم في مهمة إنسانية، وأكون ضمن فريق مركز التحكم والسيطرة لمكافحة فيروس كورونا، لمهمة قيادة مسار التقنية والبيانات فيه، لتكون البيانات عدستنا لنرصد حركة الجائحة.

وما أود مشاركتكم إياه اليوم قد لا تسعه سطور، لكن بالتأكيد سيتسع له تاريخ توظيف البشرية للتقنية في حدث لم تواجه مثله في العصر الحديث، وقد تمكّنت دبي من تحويله لحدث إنساني مُشرّف، بتوظيف التقنية كطوق نجاة وإنقاذ للأرواح.

ولأقرّب الصورة، كان دور البيانات مثل دور جهاز الملاحة والتحكّم لمن يقوم منا برحلة لمكان يجهله أو يزوره للمرة الأولى، فهو أمام خيارين: إما عشوائية التجوّل حتى يحالفه الحظ بإيجاد الوجهة، وقد تنفد موارده ووقوده قبل أن يصل، أو أن يختصر الوقت والجهد ويحفظ موارده بالاعتماد على التقنية والبيانات، وهو ما يميّز أسلوب دبي في مواجهة «كورونا».

السرّ لم يكن في التقنيات خلال أزمة «كوفيد-19»، لكن بوضع نموذج متكامل لإدارة الأزمة رقمياً، يخدم الكفاءات البشرية المميزة، ويتيح لنا معرفة كل القدرات المتاحة ومؤشرات الجائحة في دبي، سواء من ناحية الموارد الطبية والخبرات، أوالمرافق والمواد اللازمة، بالإضافة إلى نسبة الاستهلاك والإشغال لحظة بلحظة.

وفي هذا النموذج الخاص، جمعنا بين علوم البيانات وعلوم الأوبئة لترجمة المعلومات والبيانات الميدانية إلى لوحات تحكّم (Dashboards)، سميناها «لوحة بيانات كوفيد-19»، تعمل كمصدر للحقيقة متاح لصنّاع القرار والمشغلين، وكل من يجب أن يطّلع ويسهم في إدامة العمليات والموارد والمحافظة على سلامة الجميع.

وقد نجحنا كفريق دبي الذي يواجه الجائحة، في تفعيل الجانب الرقمي لإدارة الأزمة والتكامل مع كل المشاركين في خط الدفاع الأول، وذلك شمل العديد من الجوانب: مثل أتمتة مراحل الوقاية والرصد لـ«كورونا»، بدءاً من التعرف إلى الحالات والمخالطين والفحوص، وصولاً لأتمتة رحلة مريض «كورونا»، ما أتاح لنا الاستفادة المثلى من كل مورد وخبرة متاحين في الوقت والمكان المناسبين.

قيادتنا كانت ولاتزال في مقدمة الفرق الميدانية، والجميع التقى على هدف واحد، هو حماية الإمارات، في نداء لواجب وطني ومهمة إنسانية، وكان توجيه قيادتنا لجميع من يعملون في خطّ الدفاع الأول هو تسخير كل الإمكانات لدعم جهود الحد من انتشار فيروس كورونا المستجد، وكان ولايزال الحافز الأبرز هو أن قيادتنا تتقدّم الجميع بالدعم والتوجيه والتشجيع الدائم. مواجهة «كورونا» لم تنتهِ، لكنّها ستترك لكل واحد منا ذكريات وتجارب لاتزال مستمرة ولن ينساها، مهما مرّت السنوات، وعطاء الإنسان هو الأساس، فمهما اختلفت تخصصاتنا ممن هم في خط الدفاع الأول تجمعنا الإنسانية.

مساعد المدير العام لـ«دبي الذكية» المدير التنفيذي لمؤسسة بيانات دبي

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

دور البيانات مثل جهاز الملاحة والتحكّم لمن يقوم منا برحلة لمكان يجهله أو يزوره للمرة الأولى.

الأكثر مشاركة