كـل يــوم

لم يمت صيني واحد من الجوع!

سامي الريامي

للأسف لايزال هناك كثيرون لا يعون خطورة ترديد كل شيء، ونشر الشائعات والأخبار والمعلومات المغلوطة. لا يستوعبون حجم الضرر الذي قد يلحقونه بالمجتمع، ولا حجم تأثير الشائعة وردود فعل الناس تجاهها، وفي المقابل لايزال المجتمع، وللأسف أيضاً، هشاً في درجة وعيه وتفريقه بين الشائعات والمعلومات الصحيحة، ولايزال كثيرون يصدّقون كل ما يسمعون، بل وينشرون كل ما يصلهم دون تردد أو تعقل!

ما حدث أول من أمس يؤكد ذلك.. شائعة من امرأة مجهولة، لا يصدقها عاقل، ولا يمكن أن تمر على أي إنسان عاش في الإمارات، فلم يحدث إطلاقاً أن فاجأت الحكومة الناس بمنعهم من الخروج دون سابق إنذار، ولم يسبق أن منعت الحكومة الناس من شراء حاجاتهم تحت أي ظرف كان، لكن كل ذلك لم يجعل الناس يتوقفون ولو لحظات للتفكير في الشائعة، وانطلقوا أفواجاً نحو أقرب جمعية ليشتروا كل ما يحتاجونه وما لا يحتاجونه!

خطورة الشائعة، والتي لم يلتفت إليها كل من تدافع ووقف في طوابير الجمعية، تكمن في مخالفة تعليمات الحكومة بتجنب الأماكن المزدحمة، وعدم الاختلاط والاحتكاك مع كثير من البشر، وما حدث أمس من تدافع وتزاحم شكل - دون شك - بؤرة مريحة، وفرصة سانحة لانتقال الفيروس بكل سهولة وأريحية من شخص لآخر، فالعدد كبير، والجنسيات مختلفة ومتنوعة، ولا أحد منهم استطاع أن يستوعب أن انتقال المرض إليه أخطر بكثير من أي شيء آخر قد يفقده لو لم يذهب إلى الجمعية!

هذا الاستهتار من مطلقي الشائعات يجب ألا يمر في مثل هذه الظروف مرور الكرام، انتهى زمان التوعية، والدولة لم تترك وسيلة للتنبيه إلى خطورة ترديد كل شيء إلا وسلكتها، ولا عذر الآن يمكن قبوله أبداً، إنها جريمة مكتملة الأركان، ولا يمكن أن يترك أصحابها بحجة أنهم لم يكونوا يقصدون ذلك، أو أن التسجيل كان خاصاً لمجموعة محددة في وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي، أو أنهم لا يعرفون أنها ترقى لدرجة الجريمة، كلها أعذار غير مقبولة، خصوصاً في مثل هذه الظروف الحرجة، والجهل بالقانون لا يعفي أبداً من تجريم فعل الفاعل، وتطبيق قانون العقوبات عليه!

لسنا نحن المخوّلين نشر التعميمات والتعليمات والقرارات الحكومية قبل صدورها، لا يملك أي إنسان، مواطناً كان أم مقيماً، الحق في ذلك بصفته الشخصية، هناك جهات حكومية مسؤولة عن ذلك، وهناك طرق وآليات ووسائل معروفة ومتعارف عليها في نشر القرارات الحكومية من مصادرها الرسمية، فبأي حق يتبرع كثيرون بتأليف قرارات وترويع مجتمع بأسره؟ إنه فعل غير مسؤول، ويجب أن يتم التعامل معه بشدة لمنعه، فالظروف الحالية هي أفضل بيئة لترويج الشائعات، وإن لم تُتخذ إجراءات معلنة بحق كل من يروجها، بقصد أو من غير قصد، فلاشك في أننا سنفقد السيطرة شيئاً فشيئاً، وسيبدأ كثيرون في توجيه المجتمع كيفما شاؤوا، ويعبثون به متى أرادوا، وهذا أمر خطير للغاية!

هل لنا أن نعتبر ونتعلم من الشعب الصيني العظيم، لقد ضرب أروع الأمثلة في اتباع الإرشادات، والالتزام التام بتعليمات الحكومة دون تردد، ودون شائعات، ودون تذمر، وهذا ما أسهم بشكل فاعل في انحسار المرض، وتقليل نسبة انتشاره، هل لنا أن ندرك أن أكثر من مليار و400 مليون نسمة جميعهم تعاونوا وتكاتفوا مع حكومتهم.. فرضت عليهم كثيراً من القوانين، ألزمتهم بالجلوس في منازلهم أياماً وأسابيع طويلة، لم يمت منهم شخص واحد من الجوع، في حين لو خرجوا من منازلهم لكان عدد الوفيات بالملايين!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر