كل يـوم

تصرفات مُدهشة!

سامي الريامي

من المدهش حقاً أن هناك عقليات حكومية، وللأسف الشديد، مازالت لا تُحسن التعامل مع الإعلام، ولا تؤمن بدوره، وهي بهذا الفعل تتجاهل تماماً مجتمعاً بأسره، فالإعلام لا يمثل العاملين فيه، ولا ينقل وجهة نظرهم، بل هو ممثل للمجتمع، وينقل ملاحظات وشكاوى الناس ليراها المعنيون، ومن يُغمض عينيه من المسؤولين عما يرد في وسائل الإعلام من ملاحظات، فهو لا يضر الإعلام، بل يضر الناس والمجتمع!

من المُحزن أن يعتقد بعض المسؤولين أن السلطة تعني تجاهل الجميع، ومن المؤسف ألا يعي المسؤول أن الرد على استفسارات الجمهور، وأخذ ملاحظاتهم، وعدم «تطنيشهم» هي جزء أصيل من مهام مسؤوليته، وحقٌّ وليس منّة منه عليهم، والتجاوب مع وسائل الإعلام والرد عليها، هو حق أصيل للإعلام، وإذا كان المسؤول لا يمتلك مهارة الحوار، والقدرة على المواجهة، والتحلي بالشجاعة اللازمة لتلقي الملاحظات والشكاوى والرد عليها في حينها، فإنه حتماً يفتقر إلى أبسط المهارات التي يجب أن يتحلى بها أي مسؤول!

بالتأكيد لن يتصل صحافي أو إعلامي بأي مسؤول، كي يعرف رصيده في البنك، أو ما خططه للسفر صيفاً، وماذا يأكل في بيته، وكيف يتعامل مع أبنائه، لن يسألوه عن حياته الشخصية، وإن فعل أحدهم ذلك فللمسؤول الحق في إغلاق الهاتف، ومقاضاة ذلك الصحافي، لكن في الوقت نفسه ليس من حق المسؤول تجاهل الصحافة في قضايا الناس، فهذه القضايا تحديداً هي التي جعلته يجلس في سدة المسؤولية، ومن أجل حلها أتت به الحكومة، ليستخدم السلطة في خدمة الناس، وليس عليهم!

فالإعلام لا يتوجه لشخص أي مسؤول، بل لمنصبه، وبمجرد أن يترك منصبه فلا علاقة للإعلام به، لكنه مادام يجلس على كرسي المسؤولية فعليه أن يتحمل تبعات ومهام ومسؤوليات ومتاعب هذا الكرسي، لا أن يبحث عن مزاياه فقط!

مُخجل حقاً ما يحدث في بعض الوزارات والدوائر الخدمية، وأُشدد هُنا على كلمة «خدمية»، حيث لا أسرار عسكرية، ولا معلومات أمنية شديدة الحساسية، ولا محظورات يؤثر إعلانها في المصلحة العامة، كل ما في الأمر مصالح ناس وقرارات لخدمتهم، ومادامت كذلك فمن أبسط حقوقهم أن يبدوا ملاحظاتهم عليها، بحثاً عن الأفضل لا أكثر، فما الذي يجعل مسؤولاً في مثل هذه الوزارات يُعطي تعليماته للجميع بعدم التجاوب والرد على وسائل الإعلام؟ وما الذي يجعله يردد دائماً على مسامع موظفيه: «طنشوهم»؟!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر