كـل يــوم

المسؤول الحكومي لا يمثل نفسه.. أبداً!

سامي الريامي

«المنصب الحكومي» مسؤولية ضخمة، وواجباته أكثر بكثير من مزاياه، والإنسان المسؤول عندما يجلس على كرسي المسؤولية، عليه أن يعي دائماً وأبداً أنه لا يمثل نفسه، بل يمثل جهته التي يديرها، أو يتولى مسؤوليةً فيها، وتالياً، وبما أن هذه الجهة «حكومية»، فإنه يمثل الحكومة دون شك، إذ إنه عضو ضمن فريق عمل، ولذلك فإن كل كلمة أو تصريح يدلي به، هو مسؤول عنه، ومحسوب عليه، وكل حركة أو إيماءة، أو زيارة، أو وجود في مكان ما، أو صورة، يجب أن تتناسب مع منصبه ومسؤولياته والجهة التي يمثلها، وألا تُقلّل أبداً بأي حال من الأحوال من شخصه ومكانته الاجتماعية التي حازها بحكم منصبه.

لا أعتقد أن «قواعد السلوك» ومحاذير التصرفات التي لا تتناسب مع المناصب الحكومية، مكتوبة وموزعة على المسؤولين، لكنها في الغالب معروفة، ولا يحتاج أي شخص وصل إلى كرسي المسؤولية للتذكير بها، لأنها وبكل بساطة، أمور بدهية، فكل ما يقبله العقل الجمعي في المجتمع هو تصرف مقبول، وكل تصرف يرفضه المجتمع، يجب أن يكون مرفوضاً بشكل مضاعف عند جميع المسؤولين، وإن لم يكونوا مقتنعين بذلك.

عليهم أن يكونوا أكثر حرصاً وحذراً في تصرفاتهم، كما يجب عليهم مراعاة المجتمع بشكل دقيق، فبالمنصب يتحول الشخص من مواطن عادي إلى شخصية عامة، وبهذا التحول يصبح تحت تصرف المجتمع، وبالتالي يتنازل عن كثير من حرياته وسلوكياته الشخصية في الأماكن العامة، لأنه أصبح يمثل منصبه وجهة عمله، وتالياً عليه الالتزام والتقيد بالصفات والمتطلبات الاجتماعية التي يجب توافرها في صاحب المنصب الحكومي، طوال وقت شغله كرسي المسؤولية.

إنه في الغالب، تعهد غير مدون، ودستور غير مكتوب، بين كرسي المسؤولية والمسؤول الحكومي، والإخلال بهذا التعهد قد يؤدي إلى مغادرة هذا المسؤول منصبه، حدث ذلك كثيراً في الإمارات، وحدث ذلك كثيراً في جميع دول العالم دون استثناء، رأينا مسؤولين كثراً أقيلوا من مناصبهم بسبب تصريحات، أو مواقف أو صورة غير لائقة، أو نتيجة خروجهم بأي شكل من الأشكال على تقاليد وأعراف المناصب الرسمية بشكل سلبي لم يتقبله المجتمع، بغض النظر عن مستوى أدائهم وقدراتهم المهارية في إدارة الجهات التي يعملون فيها، كل ذلك لأنهم، كما أسلفت، لا يمثلون أنفسهم أبداً!

الإدارة ليست كل شيء، وكل صاحب منصب أو مسؤولية في أي جهة حكومية عليه التزامات إدارية دون شك، لكنها ليست كل شيء، فهناك التزامات أهم وأكبر، لذا كان الفرق بين المدير والقائد، حيث الأخير يمتلك مهارات وصفات شخصية تجعله بالغ التأثير في بقية الموظفين، وتجده يتحول إلى نموذج وقدوة للآخرين في طريقة عمله، وإخلاصه، واهتمامه بكل تفاصيل النجاح، وتحفيز الآخرين، كما تجده أحرص الناس على رسم صورة إيجابية فعّالة عن شخصه وعن مؤسسته في ذهن كل من يقابله، داخل جهة العمل التي يديرها وخارجها.

في الإمارات، لدينا نماذج لمديرين فاعلين، وقياديين مخلصين، تحولوا بفضل اجتهادهم إلى خبراء عالميين في مجالهم، واستطاعوا أن يحققوا نجاحات وقفزات نوعيه في إدارة الجهات التي يعملون فيها، إضافة إلى نجاحات ومكتسبات مهارية قيادية على مستواهم الشخصي، ولدينا كذلك نماذج لمديرين ابتعدوا قليلاً عن مهامهم الأساسية، واختلطت عليهم المهام الرسمية بالأمور الشخصية.

ولكن ما يميز الإمارات عن غيرها، أن الفئة الأولى من المديرين هم الأغلبية، إضافة إلى وجود قيادة عليا تتابع كل شيء باهتمام، وتعرف تفاصيل العمل في كل جهة ومؤسسة.. قيادتنا العليا تعطي فرصاً كثيرة، لكنها تتدخل في الوقت المناسب دائماً لتصحيح أي اعوجاج في كل مكان.

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

 لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر