5 دقائق

الثقافة المؤسسية أساس النجاح

الدكتور علاء جراد

في دراسة قامت بها مؤسسة «ديلويت» عام 2016، وجدت أن 12% فقط من المؤسسات تفهم ثقافتها، وأن 19% فقط من المؤسسات ترى أن لديها ثقافة مناسبة. يقول إدجار شاين، رائد الثقافة المؤسسية وأكثر من يتم الرجوع لدراساته «الشيء الوحيد الحقيقي والمهم الذي يمكن أن يقوم به القادة في المؤسسات هو تأسيس وإدارة الثقافة المؤسسية»، فلماذا تستحوذ الثقافة المؤسسية على هذا الاهتمام، حتى في أحاديثنا اليومية في العمل نسمع لعبارات مثل «هذا المشروع لن ينجح لأن ثقافة الشركة غير مشجعة»، أو أن مبادرة ما فشلت بسبب ثقافة الشركة أو الدائرة. لماذا لا تنجح المؤسسات في بناء واستدامة ثقافة تشجع على الإبداع والإنتاجية وتحفز العاملين على تقديم أفضل ما لديهم، وتوجد روابط مع بيئة العمل تجعلها مكاناً جاذباً ومحبباً للعاملين؟ لماذا يفشل القادة والمديرون في بناء الثقافة المؤسسية الصحية؟

الحقيقة أن الثقافة المؤسسية هي دائماً الحاضر الغائب، فالجميع يتحدث عنها ويعرف أهميتها، لكن الغالبية يفشلون في بناء ثقافة حقيقية وفعالة. من وجهة نظري وبناء على الكثير من القراءات والتجارب حول هذا الموضوع هناك أسباب عدة لذلك، منها عدم استيعاب أهمية الموضوع، وحتى هؤلاء الذين يستوعبون أهميته لا يتبعون منهجية علمية في بناء الثقافة المرغوب في بنائها، ولا يتم وضعها في إطار تنفيذي يضمن استدامتها حتى بعد أن يترك الرئيس التنفيذي، فمعظم المؤسسات تدار بعقلية الرجل الواحد وعلى البقية أن يروا ما يراه هذا الرجل، كذلك لا يتم بذل المجهود الكافي في فهم العوامل المؤثرة في بيئة العمل مع أن الحلول متاحة وأحياناً لا تكلف الكثير، لكنها تحتاج الى وقت حتى تؤتي ثمارها، فالثقافة لا يتم تغييرها بقرار إداري أو تعميم أو مجموعة من الدورات وورش العمل أو بعض المحاضرات في ما يسمى «تنمية بشرية».

بداية النجاح في بناء الثقافة هي إجراء تشخيص بالاعتماد على أسلوب مدروس ومجرب، وقد وضع إدجار شاين وكذلك مؤسسات محترمة عدة نماذج لإجراء ذلك التشخيص أو ما يسمى Culture Audit، منها نموذج مؤسسة «هيومان سينيرجيتكس»، وبعد إجراء ذلك التشخيص يتم الرجوع لرؤية المؤسسة ورسالتها وأهدافها وتحديد ما هو شكل الثقافة المؤسسية التي تسهم بفاعلية في تحقيق طموح المؤسسة ورؤيتها، وينبغي هنا إشراك كل المعنيين في رسم الصورة التي يجب أن تكون عليها تلك الثقافة، ثم وضع خطة عمل وإطار زمني لبناء تلك الثقافة وتضمين النظام الثقافي في النظام الإداري الاستراتيجي للمؤسسة حتى يمكن استدامتها وقياسها.

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر