كـل يــوم

محمد بن راشد.. كتاب مفتوح للجميع

سامي الريامي

هكذا هو دائماً، كتاب مفتوح، لا يوجد عنده ما يخفيه عن العالم، رؤيته واضحة، وطموحاته عالية، وتجربته المتميزة، التي حوّل بها إمارته الصغيرة إلى اسم عالمي كبير، هي أشبه بمعجزة، لكنها بالنسبة له متاحة للجميع، لا أسرار لديه في ذلك، ويتمنى لو تعاون مع الجميع، بل ويتمنى لو استفادت جميع المدن العربية، أو جميع مدن العالم من تجربة دبي، سيكون سعيداً دون شك، فهو شديد الثقة بنفسه وببلاده وبشعبه، وهو محب لنشر الخير والمعرفة والابتكار، وهو حريص على رؤية الإنجاز والتميز أينما كان.

في عام 2004، تلقى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حفظه الله، اتصالاً من الزعيم الليبي الراحل، معمر القذافي، وذلك بعد أن اعترفت ليبيا ببرنامجها النووي، قال القذافي للشيخ محمد: «أريد طرابلس مثل دبي، وأن تكون العاصمة الاقتصادية لإفريقيا»، عندها لم يمانع الشيخ محمد بن راشد، ولم يتأخر أبداً في تقديم كل ما هو ممكن إلى ليبيا، لم يفكر في منافسة، ولم يخشَ أي شيء آخر، وعلى الفور أرسل سموه فريقاً أعد دراسات معمقة ليتحول مطار معيتيقة إلى عاصمة جديدة، كما أُعدت دراسات مفصلة للمدارس والمستشفيات، ولمركز مالي، ومشروعات للبنية التحتية.

محمد بن راشد لم يتأخر، بل كان في قمة سعادته، لأنه يتمنى الخير والنجاح لجميع مدن الوطن العربي ودوله، كما أنه كما صرح مراراً «يتمنى رؤية 20 مدينة مثل دبي في مختلف أنحاء العالم العربي»، لكن التجربة الليبية لاستنساخ دبي لم تنجح، فالنظام الليبي لم يكن جاهزاً لاستقبال تجربة من هذا النوع، وهناك بطء قاتل في اتخاذ القرارات، وهناك بطء أكبر في التنفيذ، إضافة إلى ذلك هناك فساد منتشر، و«لجان» تتنافس، كل ذلك دفع الوفد الذي أرسله محمد بن راشد إلى الانسحاب، وخسرت ليبيا مدينة متطورة، كانت ستكون علامة بارزة في القارة الإفريقية دون منازع.

محمد بن راشد، حفظه الله، شخصية قيادية عربية التوجه، ولديه قناعة وثقة بأن إمكانات وأدوات النجاح متوافرة في هذه البلدان العربية، لكن الإدارة هي فقط ما تنقص هذا الوطن الكبير، فالعقول متوافرة، والموارد متوافرة، وسواعد الشباب موجودة وطموحهم موجود أيضاً، لكن ذلك كله مشتت وضائع، فلا رؤية، ولا إدارة، ولا حوكمة رشيدة، ولا خطط استراتيجية تدعم طموح الشباب، وتدعم الابتكار وتقضي على التخلف.

لم تنجح ليبيا في صنع مدينة مثل دبي، على الرغم من أنها تمتلك إمكانات مالية وبشرية وموقعاً سياحياً مهماً، لا تمتلكها دبي، لم تنجح لأن الإمكانات والموارد ليست كل شيء، فالأهم منها هو وجود العقل المخطِّط الذي يحسن استخدام هذه الموارد، ويطورها، ويعمل على النهوض بكل قطاعات البلد، وفق خطط علمية منظمة لا تعرف العشوائية ولا الفوضى.

الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم هو كلمة السر في نهضة دبي، وهو السبب المباشر في تحويلها إلى مدينة عالمية، وهو الذي ضاعف أهميتها ودورَيها الاقتصادي والسياحي، بعد أن أسّس قواعدها الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، لذلك فلا غرابة أبداً أن نجد بصماته واضحة في كل زوايا التطوير بالمدينة، ولا غرابة أبداً أن يتسابق العالم في ذكره وذكر مدينة دبي، عند الحديث عن معنى الابتكار والتطوير والتميز والرؤية الاستراتيجية!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه. 

تويتر