كـل يــوم

المفهوم الحقيقي للحكومة الذكية!

سامي الريامي

تميزت دوائر دبي في تقديم الخدمات الذكية، لا خلاف في ذلك، وتسابقت في خدمة المتعاملين إلكترونياً، من خلال التطبيقات الهاتفية، وبشكل غير مسبوق، وهذا إنجاز يستحق عليه الجميع الشكر والتقدير والثناء، لكن الدوائر المحلية تنافست أيضاً بين بعضها بعضاً في تحويل الخدمات كافة إلى تطبيقات هاتفية، ومع أن هذا الأمر يعتبر نظرياً شيئاً جيداً، إلا أنه عملياً يعتبر غير فاعل.

وبكل بساطة نجم عن ذلك وجود 1600 تطبيق هاتفي وأكثر، للخدمات المنوعة المقدمة من دوائر دبي المحلية، ما يعني استحالة توافرها جميعاً في هاتف واحد لأي متعامل، ما يعني أن التطبيقات ليست كلها مطلوبة، ومن المستحيل استخدامها جميعاً، وهذا من دون شك إنفاق مالي كبير قد لا يكون مجدياً!

إضافة إلى ذلك، رغم وجود هذا العدد الهائل من التطبيقات، أن التناغم والتنسيق بين الدوائر المحلية «إلكترونياً»، أو عبر التطبيقات، غير موجودين أو على أقل تقدير يعانيان ضعفاً واضحاً، فعلى الرغم من أن كثيراً من المعاملات مرتبط بأكثر من دائرة محلية، فإن المتعامل لابد له من الانتقال من تطبيق إلى آخر، ومن موقع إلى آخر، ثم من دائرة إلى دائرة أخرى لاستكمال معاملته، في حين أنه لا ضرورة أبداً لهذه الرحلات والتنقلات، لو كان هناك كثير من التنسيق والربط في كثير من المعاملات!

هذا ما لاحظه سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، لذلك كانت توجيهاته واضحة لحكومة دبي الذكية، باختصار كل تلك التطبيقات وتسهيل تقديم وإنجاز المعاملات للمراجعين والجمهور من نافذة واحدة، إضافة إلى إلغاء الأوراق كافة في جميع التعاملات، فمن غير المعقول أن تقدم الدوائر المحلية جميع خدماتها ومعاملاتها إلكترونياً وعبر الهواتف الذكية، وهناك مليار ورقة تطبع سنوياً في تلك الدوائر، نستطيع بقيمتها إطعام 15 مليون جائع!

هذا التحدي الجديد جعل المسؤولين في حكومة دبي الذكية يغيرون التفكير التكنولوجي والخروج خارج الصندوق ليبتكروا فكرة جديدة، هي تحويل الخدمات من تطبيقات ذكية، إلى تجارب حياتية يعيشها المتعامل، بمعنى وضع خط سير شامل وموحد لكل الخدمات التي يحتاج إليها المتعامل في مجال معين، ولا يهم إن تعددت الدوائر التي تقدم هذه الخدمات، كما لا يهم إن كانت من القطاع الحكومي أم الخاص، هذا ليس من شأن المتعامل، بل هو شأن الخدمة الموحدة التي ستختصر له كل ذلك!

وبعد دراسة مكثفة، تم تخطيط التجارب وفقاً لمجالات الحياة إلى جزأين: التجارب الفردية وهي المتعلقة بالتنقل والعقارات والعمل، والانتقال من وإلى دبي، إضافة إلى الترفيه والتعليم والعائلة والراحة النفسية والجسدية، وهناك تجارب الأعمال المتعلقة بالخدمات ومجالات الحياة وتجارب متعاملين، وبذلك تم دمج واختصار 1600 تطبيق هاتفي في 72 تجربة عملية حياتية فقط.

ولمزيد من التوضيح لمن يريد امتلاك سيارة في دبي، فإنه يحتاج إلى جهات ترخيص وتسجيل وتأمين وتمويل، في الوضع الحالي سيضطر إلى أن يستخدم أكثر من أربعة تطبيقات، إضافة إلى مراجعة جهات عدة، أما في المستقبل فإنه سيلجأ إلى تجربة قيادة مركبة ليجد هناك جميع الجهات، مثل هيئة الطرق والمواصلات وشرطة دبي، وسيجد معاهد التعليم ومحركات البحث عن مركبة، كما أنه سيجد شركات التأمين والبنوك الممّولة، وبذلك سيستطيع الحصول على رخصة قيادة وسيارة وتمويل وتأمين وشراء وتسجيل سيارة، كل ذلك في مكان واحد وتطبيق واحد.

هذه هي النقلة الجديدة، وهذا هو المفهوم الحقيقي للحكومة الذكية التي أرادها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، عندما قال: «أريد حكومة تقدم خدماتها 24 ساعة في سبعة أيام، حكومة لا تنام وتصل إلى المتعامل أينما كان».

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر