كـل يــوم

إصدار تراخيص البناء هل يحتاج إلى هيئة؟

سامي الريامي

إصدار تراخيص البناء للمباني التجارية في دبي ليس عملية سهلة، بل هي صعبة ومتعددة الإجراءات، وتتطلب مراجعة وموافقة جهات حكومية عدة، وكل جهة من هذه الجهات لها متطلباتها وشروطها وإجراءاتها وقوانينها المختلفة، لذا فلا غرابة أبداً أن تُبدي المكاتب الاستشارية انزعاجها من كثرة المتطلبات، وطول فترة الانتظار للحصول على كل التراخيص، ما يعني خسارة في المال والجهد!

لا نرمي باللوم هنا على دائرة بعينها، فترخيص البناء يتفرّق بين دوائر عدة، منها البلدية، وهيئة الطرق، ودائرة الأراضي، والدفاع المدني، واتصالات، وأحياناً هيئة المعرفة إن كان الأمر يتعلق ببناء مدرسة، أو دائرة السياحة إن كان المبنى فندقاً، ما يعني أن الإجراء يحتاج إلى فترة طويلة تصل لأشهر، خصوصاً مع الطلب الهائل الكبير على البناء والتشييد في دبي، هذا إن لم يتطلب الأمر تعديلات أو إضافات أو تغييرات على المعاملة، وهذا نادر الحدوث!

وللأسف الشديد، وحسب وجهة نظر كثير من الاستشاريين، فإن التحول الإلكتروني في هذه التراخيص تحديداً لم يحل المشكلة، بل ربما زادها تعقيداً، فالطلبات تقدم عبر الموقع الإلكتروني، وعمليات انتظار النتيجة تستغرق وقتاً طويلاً، وخلال ذلك لا غنى عن الذهاب إلى المقار الرئيسة لهذه الدوائر، للاجتماع مع المعنيين مع كل ملاحظة وطلب تعديل، ما يعني أن التحول الإلكتروني أصبح إجراءً إضافياً مع الإجراءات السابقة، لا يسهّل العملية بقدر ما يسهم في زيادة مراحلها!

لا أُلقي باللوم هُنا على جهة بعينها، فالمشكلة في كثرة الطلبات، وتعدد الإجراءات، وتنوع الجهات، والمشكلة الأكبر في عدم وجود «التعاون التنافسي» الذي تحدثت عنه في مقال أمس، لأن كل جهة تعمل بشكل منفصل عن الأخرى، ولو أن جهة من هذه الجهات أنهت المعاملة في يوم واحد، وتأخرت بقية الجهات لأسابيع، فإن المحصلة على المراجع ستكون تأخير وقته وضياع جهده وماله، ولن يلتفت حينها إلى الجهة المُنجِزة، بل سيتكرس في ذهنه انطباع بصعوبة إجراءات إصدار تراخيص البناء في الإمارة!

في تجربة سابقة، لاحظ صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حفظه الله، وجود شكاوى كثيرة من تأخر إجراءات التقاضي في القضايا البسيطة، فاعتمد في خطوة رائدة، على مستوى المنطقة، نظاماً جديداً هو «محكمة اليوم الواحد»، بهدف رفع كفاءة العمل القضائي، وتسريع إجراءات التقاضي، وها هو النظام اليوم يحقق نجاحاً كبيراً في مختلف إمارات الدولة، وأدى إلى قفزة نوعية في التسهيل على المتقاضين، وإنهاء القضايا البسيطة في اليوم نفسه.

بالتأكيد ليس من المنطق المطالبة بالمدة نفسها للتراخيص، ونعرف تماماً الدور الكبير الذي تقوم به هذه الجهات للتدقيق والتمحيص، لكن مع ذلك تحتاج دبي الآن إلى نقلة نوعية في تسريع إجراءات ترخيص المباني الاستثمارية والتجارية، وهذا لا يعني التنازل عن الشروط الأساسية الضامنة للأمن والسلامة، ولكن جلوس هذه الجهات مع بعضها للتعاون والتسهيل على المستثمرين والاستشاريين، أو إذا تطلّب الأمر إنشاء هيئة خاصة بالتراخيص، من موظفي تلك الجهات، يخضعون إدارياً لدوائرهم، وفنياً للهيئة الجديدة، في حال لم تُبدِ الدوائر المرونة المطلوبة لتسريع الإجراءات.

reyami@emaratalyoum.com

twitter@samialreyami

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر