كـل يــوم

كيف يمكن منع احتضار منطقة الرأس؟!

سامي الريامي

أُُجدد اليوم المطالبة بإجراء دراسة شاملة، تشترك فيها الجهات المعنية، من أجل إنعاش منطقة الرأس التجارية في ديرة، فتركها تعاني بصمت، وتحتضر ببطء شديد لن يفيد أحداً، ولا يعقل أبداً أن نتخلى عن منطقة حيوية أسهمت تاريخياً في دفع اقتصاد مدينة دبي، وربطت بين قارتي آسيا وإفريقيا تجارياً، ورفعت تجارة إعادة التصدير في دبي إلى أعلى المستويات على الصعيدين الإقليمي والعالمي، ونتركها وهي تخلو بشكل شبه يومي من تجارها ومتعامليها.

في يوم من الأيام كان الحصول على متجر أو مكتب أو «دكان» في تلك المنطقة ضرباً من الخيال، ويضطر بعض المستثمرين إلى دفع ما يعرف بـ«الخلو»، الذي وصل إلى 19 مليون درهم، لمجرد أن يحصل على موطئ قدم هناك، أما اليوم فهناك الكثير والكثير من المكاتب الخالية، أو التي ستخلو قريباً، ولا يوجد أي طلب أو اهتمام لاستئجارها. أحد التجار المواطنين القدامى يمتلك بنايات تجارية عدة في تلك المنطقة وما حولها، يُقسم بأن لديه اليوم 33 وحدة عقارية عبارة عن مكاتب خالية، وهذا ما لم يحدث منذ تأسيس هذه المنطقة قبل أكثر من 100 عام تقريباً!

صحيح أن المتغيرات الخارجية، والظروف الجيوسياسية كان لها تأثير سلبي كبير في حركة إعادة التصدير من هذه المنطقة ومن الأسواق التي تحتويها، فالقلاقل والثورات في بعض الدول التي كانت تعتمد على استيراد كل شيء من هنا أدت إلى توقف الحركة التجارية بين تجار تلك الدول وتجار منطقة الرأس في دبي، لكن هذا ليس وحده سبباً رئيساً في تراجع دورها التجاري الإقليمي والعالمي، فهناك أسباب أخرى، منها نمو وتصاعد دور التجارة الإلكترونية ومواقعها المختلفة، خصوصاً موقع علي بابا الصيني، حيث توجه آلاف التجار والمستثمرين للشراء عبر الـ«أونلاين»، والتجار الصينيون المباشرون أيضاً لهم دور بارز في ما حدث، فلقد سيطروا على منطقة الرأس خلال السنين الماضية، واستأجروا أو بالأحرى استحوذوا على معظم المحال هناك، إن لم يكن جميعها، ثم وثقوا علاقاتهم بجميع التجار الأفارقة والعرب والهنود وغيرهم من الموردين للبضائع والمستوردين لها، ليقوم الصينيون بدور الشحن المباشر door to door، وبذلك أصبح التاجر الإفريقي وغيره يوفر كلفة السفر والمجيء إلى دبي!

وبما أن معظم التجار الأفارقة هم تجار «شنطة»، بمعنى أنهم كانوا يحضرون إلى دبي وإلى الأسواق بشكل شخصي، ويشترون البضائع بشكل مباشر، ثم يشحنونها بشكل مباشر عبر خور دبي بالسفن الخشبية أو ميناء الحمرية، فإن هذه الحركة التجارية المباشرة انخفضت بشكل ملموس، عقب فرض ضريبة القيمة المضافة، حيث زادت الكُلفة على هؤلاء التجار 5%، كونهم تجار شنطة، ولا يستطيعون استرداد قيمة الضريبة المضافة، فهو لا يعتبر شركة، بل مشترٍ حاله كحال أي مشترٍ داخل الدولة!

هذه بعض الأسباب التي أدت إلى تراجع أهمية أسواق منطقة الرأس في ديرة تجارياً، ولاشك في أن التجار المواطنين القدامى هناك لديهم أيضاً أسبابهم، فهم يعرفون خبايا وأسرار المنطقة، وهم لاشك لديهم مقترحات لإعادة إحيائها، لذا لابد من تبني الجهات المعنية خطة مبنية على دراسات ميدانية، لوقف احتضار منطقة الرأس وإنعاشها مجدداً.

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر