5 دقائق

الأجندة الخفية والشفافية

الدكتور علاء جراد

ينطوي العمل في جميع القطاعات على الكثير من المفاوضات والقرارات، ويعد الوقت عنصراً مهماً من عناصر النجاح وتحقيق الأهداف، لكن للأسف كثير من المؤسسات والأفراد لا يقدرون هذا العنصر المهم والمحوري، ويهدرونه دائماً بسبب عدم الشفافية والمماطلة في اتخاذ القرارات التي يجب اتخاذها لا لشيء سوى وجود أجندة خفية لدى البعض، فمثلاً خلال المفاوضات قد يعرقل شخص المفاوضات ويقف عقبة في طريق الوصول إلى قرار لوجود مصلحة شخصية وأجندة خفية غير معلنة تتعارض مع سير المفاوضات أو سير القرار المراد اتخاذه.

إن الشفافية المؤسسية هي عنصر أساسي من عناصر النجاح، لأنها تسهم في اختصار الوقت والجهد لجميع الأطراف، فعند التعاقد مع موردين مثلاً يتوقع أن تكون كل الشروط معلنة مسبقاً، ويتم الالتزام بها بحيادية وشفافية، والأهم أن يكون هناك طلب حقيقي، وعند تقييم العروض ينبغي أن تكون الشروط معلنة وشفافة، لكن ما يحدث في بعض الحالات أنه يكون قد تم بالفعل اختيار مورد ما ويتم طلب عروض أسعار وعروض فنية لن يتم حتى النظر إليها ولكن فقط لاستكمال العدد، فيكلف ذلك مقدمي الخدمة الكثير من الوقت والجهد، وقد يتعلل البعض بالالتزام باللوائح والمعايير، لكن ماذا لو تم إعادة النظر في اللوائح لتركز على الجودة والنوعية بدلاً من مجرد تجميع عروض أسعار وبيع كراسات شروط وإهدار وقت جميع الأطراف دون فائدة؟

إن الموضوع لا يقتصر على العمل فقط ولكن على الصعيد الاجتماعي فإن الأجندة الخفية تلعب دوراً سلبياً في حياتنا، فأفلامنا ومسلسلاتنا تذخر بالكثير من قصص الزواج الفاشلة بسبب وجود غرض أو «مصلحة» من الزواج، وليس الغرض الحقيقي وهو الارتباط وتكوين أسرة، ولاشك أن تلك الأعمال الفنية تعكس الواقع في أغلب الأحوال. وحتى نرى الأمر بموضوعية فصاحب الأجندة الخفية ليس دائماً سيئ النية، بل في الواقع قد تجبره الثقافة أو العرف على عدم التصريح بما يُضمر في نفسه خوفاً من اللوم أو أن يؤذي مشاعر أحد الأطراف، فأحياناً تكون الصراحة مؤلمة. للأسف الثقافة والعرف والعادات تكون قوية في بعض الأحيان لدرجة أن الناس قد تغفل تعاليم الدين وتهتم أكثر بالعرف والتقاليد.

إن موضوع الشفافية يحظى حالياً باهتمام كبير، والحقيقة أنه أمر لا غنى عنه للمؤسسات الجادة التي ترغب في تحقيق أهدافها واستدامة نجاحها، بل وبقائها، وقبل الاهتمام بالمعايير والإجراءات والمواصفات من المفيد والعملي الاهتمام بالثقافة ونشر الوعي حول هذا المفهوم الحيوي، وليس مجرد الحديث عنه والاكتفاء بالنوايا الحسنة.

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر