5 دقائق

سلموا كلمة المرور

عبدالله القمزي

كثر النقاش في الغرب عن كيفية حماية الخصوصية الفردية، لكنّ هناك فكرة إجراء جديد ستخرق تلك الخصوصية بشكل لم يسبق له مثيل. جون كيلي، وزير الأمن القومي الأميركي، يريد من زوار الولايات المتحدة أن يسلموا كلمات المرور السرية بهواتفهم الذكية وحساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي لضباط الأمن في المطارات الأميركية لو طلبوها منهم.

وحسب كلمات الوزير: «لو لم يسلمونا هذه المعلومات فلن نسمح لهم بالدخول». الاقتراح قوبل باستهجان من مدافعي الخصوصية الفردية لأن بتلك المعلومات سيرى ضباط الأمن في المطارات الأميركية كل المعلومات والرسائل النصية القصيرة والإلكترونية الخاصة على تطبيقات الدردشة على الأجهزة الذكية، وهو بالتأكيد أمر مزعج جداً، لكن ما لا أفهمه هو انزعاج الكثيرين من أن السلطات الأميركية سترى كل تعليقاتهم، وهؤلاء لا مبرر لانزعاجهم، إذ ما الفرق بين ضابط أمن في مطار وغيره لو قرأ تغريدة أو مشاركة في موقع تواصل لو كانت متاحة للجميع.

المهم ما يتعلق بالرسائل الخاصة، ولو طبق الإجراء في الولايات المتحدة فلن تكون الدولة الوحيدة التي ليست لديها معايير واضحة في ما يتعلق بالتفتيش عند الحدود، فهناك دول أخرى لديها الإجراء نفسه مثل كندا وإسرائيل.

• إسرائيل هي صاحبة أطول تاريخ في تفتيش المسافرين إلكترونياً ورقمياً على الحدود.

التعديل الرابع في الدستور الأميركي يحمي الناس من التفتيش غير المبرر، والقضاء يقول بوضوح إن أي تفتيش عند الحدود يجب أن يكون مشروعاً، لكن المشكلة أن معايير التفتيش غير واضحة.

في كندا تم اعتقال رجل في مطار هاليفاكس عندما رفض تسليم كلمة المرور الخاصة بجهازه، قاضى الرجل الحكومة الكندية على أساس أنه لا يجوز إجباره على تسليم تلك المعلومات، لكن قبل محاكمته بيوم واحد اعترف بتهمة إعاقة سير عمل موظف أمن المطار، ودفع 500 دولار كندي غرامة، لم تكن هناك محاكمة، وبالتالي يبقى القانون الكندي أيضاً غير واضح.

إسرائيل هي صاحبة أطول تاريخ في تفتيش المسافرين إلكترونياً ورقمياً على الحدود. في عام 2012 نشرت تقارير أن السلطات إذا اشتبهت في مسافر ما فإنها تطلب منه فتح بريده الإلكتروني للتدقيق، في العام نفسه اعتقلت امرأة أميركية في مطار بن غوريون، وبعد محنة طويلة تم منعها من الدخول بعد أن قرأت السلطات محتوى بريدها الإلكتروني الذي أجبرت على فتحه لهم، وكذلك محتوى دردشاتها الإلكترونية الخاصة.

هناك حلّ آخر ناجع أمنياً وأقل تطرفاً، هو إعطاء الموظف اسم المستخدم من دون كلمة المرور، وهذه المعلومات وحدها تكفي لقراءة ما يكتبه المستخدم، وهذا ما طبقته وزارة الأمن القومي الأميركية، لكنها جعلت تسليم تلك المعلومة اختيارياً. إذا طبقت الولايات المتحدة اقتراح الوزير كيلي فإن تلك الممارسة ستنتشر بسرعة بين الكثير من دول العالم الغربي، خصوصاً تلك التي تعرضت لهجمات إرهابية، وإذا تعرض مواطن أميركي لذلك في بريطانيا فإن معلوماته الخاصة ستصل إلى الولايات المتحدة حسب الاتفاقات الأمنية بين الدول.

مسك الختام: من حق أي دولة السيادي حماية نفسها بالطريقة التي تراها، وفي مطاراتنا التدقيق الأمني لا يقل أبداً عن ذلك المتبع في الغرب، بل هو أفضل، لكن تبقى الابتسامة البشوشة واستقبال ضيوف البلاد بالورود، هما المعيار الراقي في التعامل الإنساني.

Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر