5 دقائق

نحو تمكين 360 درجة

الدكتور علاء جراد

يعتبر برنامج دبي للأداء الحكومي المتميز منارة للتميز الحكومي في المنطقة، حيث كان الأول من نوعه في القطاع الحكومي، وقد ألهم الكثير من المؤسسات والأفراد تبني مفاهيم الجودة والتميز والاستثمار في القوى البشرية، وقد أتيحت لي الفرصة التحدث في المنتدى الذي نظمه البرنامج بعنوان «تمكين الناس هو الأساس»، حيث طرحت مفهوماً جديداً نسبياً، فهو ليس جديداً بصفة عامة، فالتمكين معروف ويمارس في الكثير من المؤسسات، لكن الجديد هو فكرة «التمكين 360 درجة»، حيث لا يقتصر التمكين على الموظفين فقط، بل تمتد مظلته لتشمل العملاء والشركاء والباحثين، وأفراد المجتمع، وكل المعنيين بعمل المؤسسة. والتمكين هو القوى التي يكتسب الأفراد من خلالها القدرة وزيادة الثقة، فيرتفع ولاؤهم وقدرتهم على تحمل وتبني المسؤولية والاندماج في العمل من أجل التحسين المستمر وتحقيق طموح المؤسسة.

لا يقتصر التمكين على الموظفين فقط، بل تمتد مظلته لتشمل العملاء والشركاء والباحثين، وأفراد المجتمع، وكل المعنيين بعمل المؤسسة.

إن هناك توافقاً كاملاً على أهمية التمكين، حيث إن فوائده كثيرة جداً للمؤسسة، منها زيادة الشفافية والثقة المتبادلة بين الإدارة والموظفين، واختصار الوقت، وتوفير التكاليف، وإعداد صفين، ثانٍ وثالث، من القيادات، حيث يساعد التمكين على اكتشاف المهارات القيادية والفنية التخصصية أيضاً. ولنا أن نتخيل موظفين لديهم القدرة على اتخاذ قرارات قد لا يكونون مخولين باتخاذها في الظروف العادية، كم سيوفر ذلك من الوقت والجهد؟ وكم سيجلب من رضا العملاء؟ لنأخذ مثالاً بسيطاً من شركات التأمين الصحي، ففي كثير من الأحيان يذهب المريض للمستشفى ليكتشف أن الطبيب بحاجة إلى الحصول على موافقة من شركة التأمين، التي قد تستغرق أسبوعاً أو أكثر، لنتخيل أن موظف الشركة «مُمَكن»، أي لديه الإمكانات الإدارية والفنية والتقنية ليرد على طلب الموافقة مباشرة، فسيسهم في رضا العميل (المريض) ويوفر وقت الطبيب والطاقم الإداري.

إن أحد الأمثلة الشهيرة في مجال التمكين، قصة موظف الصيانة في شركة فيدكس FedEx للبريد السريع، فقد حدث عطل في أحد أبراج الاتصال الخاصة بالشركة، كان سيتسبب في خسائر كبيرة، ونظراً إلى وجود برج الاتصال على أحد جبال كاليفورنيا، ولضيق الوقت، قرر الموظف تأجير طائرة هليكوبتر دفع كلفتها من بطاقته الائتمانية الخاصة، وأنزله الطيار على الجبل لإصلاح العطل. فهل فكر هذا الموظف بطريقة روتينية؟ هل شك في أن شركته يمكن أن تلومه على تصرفه أو لا تصرف له المبلغ الذي أنفقه؟ لم يفكر في أي من هذا لأنه يعرف جيداً أن مديره سيدعمه ويُمكنه لعمل ما يلزم لتحقيق أهداف وطموح الشركة، ونكمل الحديث لاحقاً عن تمكين العملاء.

Alaa_Garad@

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر