5 دقائق

الوزراء في المدرسة

د. أحمد بن عبدالعزيز الحداد

لم يَدُر في خَلَد أحد من المشاهدين أن تجتمع الوزارة ـ رئيساً وأعضاء - في مدرسة ما؛ لأن بيئة العمل تحتم عليهم أن يكونوا في ظروف وأجواء مناسبة لاستعراض قضايا البلد وجدول الأعمال المفعم بالمهام العظام، حتى تُتخذ القرارات الصائبة النافعة، لكن حكومة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، ليست بمقاييس الحكومات السابقة أو المعاصرة؛ إنها حكومة العمل في الميدان، وحكومة التخطيط من بيئة العمل وليس من الأبراج العاجية، حكومة أخذت على عاتقها أن تكون في الصدارة لكل ما هو ممكن عقلاً وإن كان مستحيلاً عادة، حكومة تعرف أن التخطيط من الميدان هو أجدر بالنجاح، 

• التلميذ إذا لم يكن بمستوى التشجيع الذي حصل عليه من تلك النخبة، فسيكون موضع العتب غير الجميل.

وأولى بالاهتمام، والميدان التربوي هو حجر الزاوية لكل التحديات والطموحات، فهو الذي يخرج العلماء والعباقرة والرجال الأقوياء فكراً وسلوكاً، هو الذي يحافظ على الموجود، ويسعى لتحصيل المفقود بحكمة وحنكة، فلا يمكن أن يكون ذلكم النجاح المنشود مستورداً ولا منسوخاً من أفعال الغير، لذلكم اختارت الحكومة، رئيساً وأعضاء، أن تفاجئ العالم بمثل ذلك الحضور الميداني في حقل تعليمي تربوي، حضور سبقه فصول دراسية إضافية وخصوصية؛ أساتذتها وزراء، وأستاذ الأستاذين في مقدمة المدرسين للأبناء والبنات، دروس ليست من المنهج الدراسي ولكن من منهج الخبرة المتراكمة لأفذاذ السياسة والعمل، يستعرضون في تلك الفصول وعلى أسماع أولئك التلاميذ شيئاً من طموحات القائد الوالد ونائبه الرائد، الطموح الذي طالما عبروا عنه، و هو الوصول إلى الصدارة في كل مجال علمي وتقني وصناعي وحضاري، وغير ذلك مما يمكن نيله بأيدٍ شابة وخبرات عالية، فكانت تلك الدروس وذلك الحضور شحذاً لهمم تلاميذنا، ليس فقط في مدرسة الشيخة فاطمة بنت مبارك، رعاها الله، بل في كل رياض ومدارس ومعاهد وجامعات الدولة، وفي ميادين العمل المختلفة، فقد أعطى ذلكم الحضور مؤشراً كبيراً إلى أن هذه القيادة تريد من شباب الغد ما لا يقف عند حد، تريد منهم علماً وعملاً، وحضارة متطورة تسبق الحضارات المعاصرة، وتحافظ على حضارة الماضي، أعطت رسالة للآباء والمربين والقياديين في الميدان التربوي أن هؤلاء الأفلاذ هم في سُلَّم أولويات الرئيس حفظه الله، ونائبه رعاه الله، ووزرائهما، فلن يُتركوا في ميدان التعليم ينتظرون نتائج الامتحانات ليُعرف من المتفوق فيُستقطب ومن المتخلف فيُبعد، إنهم يريدون أن يكون كل من يجلس في هذه الفصول متفوقاً؛ لأنه لن يخدم هذا البلد وهذه الأمة إلا المتفوق، ولن يكون متفوقاً إلا بأستاذ ماهر ومنهج متطور وتربية راقية، فالمدرس الذي يقف أمام تلاميذه يتعين أن يكون بهمة الرئيس، والوزير الذي وقف يوماً ما مع طلاب هذا المدرس، فيقاس بتلك الهامة التي جلست بينهم في ذلك اليوم المشهود، فإن لم يصقل مواهبه ويطور قدراته فسيكون عرضة للنقد من قبل التلميذ قبل الإداري وقبل الولي، كما أن التلميذ إذا لم يكن بمستوى التشجيع الذي حصل عليه من تلك النخبة فسيكون موضع العتب غير الجميل، حيث لم يقدر حكومته بتفانيه في التحصيل العلمي والاستعداد لبناء شخصيته بناء معرفياً راقياً، ولن يقف عُتبه على غيره، فإنه نفسه سيكون أول العاتبين على نفسه يوم أن يتخلف عن ركب المتفوقين، ولعله يندم حينما لا ينفعه الندم.

إن الجولة الميدانية الرائعة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وأعضاء حكومته الكرام، في مدرسة الشيخة فاطمة بنت مبارك، رعاها الله، هي أيضاً رسالة لكل فرد في هذا الوطن المبارك بأنه محور التنمية، وأن مثل تلك الجولة يمكن أن تكون في كل مرفق آخر من مرافق الدولة؛ لأن كل تلك المرافق هي محل اهتمام الشيوخ والحكومة، وأن هناك عيوناً ساهرة على هذه المرافق حتى يؤدي واجباته ويؤتي ثماره.

وفق الله الجميع لخير العمل وعمل الخير.

* «كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي»

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر