ملح وسكر

خسارة مؤلمة

يوسف الأحمد

هي خسارة انتهى بها المطاف بخيبة وصدمة لنتيجة غير متوقعة، بعثرت الأوراق، وقلبت الحسابات، وفتحت باب الاجتهاد للفرضيات، بعد أن كان الطريق آمناً خالياً من المطبات، ليصبح شائكاً ومعقداً نوعاً ما، ويحتاج إلى عزيمة وإصرار للمواجهات المقبلة التي لن تقبل أنصاف الحلول، لكنها تنتظر أيضاً هدايا وخدمات الآخرين، إذ لم يكن أكثر المتشائمين يعتقد أن يتحول الحال إلى هذا الوضع الذي يبدو كأنه صار متأزماً، بسبب الأرقام والحسبة التي أقحمنا أنفسنا فيها، فخسارة الأبيض الأخيرة أمام المنتخب السعودي كانت موجعة النتيجة ومؤلمة، بسبب الأداء الذي ظهر عليه أفراده في صورة غير معهودة وغير متوقعة منهم. فرغم التبريرات والأعذار التي ساقها البعض لذلك الأداء من أجل تخفيف وطأة الخسارة، وإبعاد الضغط عن اللاعبين وجهازهم الفني، إلا أن الشارع الرياضي رفض ذلك وكان قاسياً لأول مرة على هذا المنتخب الذي اعتاد منه الانتصارات والإنجازات والأداء المبهر، لكنه في جدة خذل جمهوره بتلك الصورة المتواضعة والمهزوزة التي أثارت استغراب واستياء الجميع، بل حملتهم مسؤولية الهزيمة ثم تعقيد المهمة، التي طُوعت لها الأسباب والإمكانات من أجل إنجاحها للوصول إلى الهدف المعلن عنه قبل سنوات والمتمثل في الوجود في مونديال روسيا 2018.

عموماً الخسارة واردة ومتوقعة، والمنتخب غير معصوم منها، لكن القلق من الوضع الذي أصبح عليه هو ما فجر بركان الغضب في وجه اللاعبين والمدرب، حتى إن البعض بات يشكك في مسألة صعودنا إلى المرحلة النهائية من التصفيات، لذلك فإن الرغبة في تغيير الصورة أصبحت قناعة عند اللاعبين الذين استشعروا ثقل وصعوبة المهمة، بعد نهاية اللقاء الذي ضاع من بين أقدامهم، حيث أكدوا أن ثمن مصالحة جماهيرهم سيكون هنا في لقاء الإياب بالإمارات، وهو ما باتت تنتظره الجماهير الغاضبة.

العاصفة التي ضربت أروقة البيت الكروي العالمي الـ(فيفا)، لم تجامل أو تزكي أحداً، بل ضربت بقوة رأس الهرم الكروي، بدءاً من بلاتر وبلاتيني ثم معاونيه وكبار رجال الـ«فيفا» الذين عاثوا فيها خراباً وفساداً لم تشهده هذه المنظمة على مر التاريخ، فكل ذلك جاء لحساب تنظيف المؤسسة التي استشرى فيها الفساد والاستبداد، حتى أصبحت بمثابة الإمبراطورية التي تقرر وتحكم كيفما تشاء. ولعل الزمن قد استحضر نفسه، بعد سنوات من الظلم والتعسف الذي استخدمه بلاتر ورجاله، حتى جاء الوقت الذي سيشرب من الكأس ذاتها التي أجبر غيره على تجرع مرارتها وعلقمها.

انكشف الستار وظهر ما كان متخفياً وما كان يُعتقد بأنه ظن وشك، ليصبح واقعاً وحقيقةً أمام الملأ، بأن الفساد قد بلغ مداه عند رجال الـ«فيفا»، بل إن بعضهم أسرف وبالغ فيه حتى أوقعته الأيام في شرك أعماله، لذا ها هي الأيام قد دارت وانقلب السحر على الساحر، ومن يعلم، فقد يعود من أُجبر على الخروج من الباب الخلفي إلى منصة الصعود مرة أخرى، لكنه سيكون مرفوع الرأس!

الخسارة واردة ومتوقعة والمنتخب غير معصوم منها.

Twitter: @Yousif_alahmed

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر