نحن فاشلون!
ـ قبل فترة.. نجح علماء الصين في إلحاق سفينة فضاء بأخرى، عن طريق التحكم اليدوي في تحدٍ علمي فائق، أظهر مدى براعة هؤلاء العلماء في التحكم والسيطرة، مع قدرتهم على ضبط الزمن والآلة معا.. لقد بات هذا الحدث الآن من الماضي، بعد أن انتقل العلماء إلى آفاق أوسع وأبعد من الدقة في تحديد المكان والزمان، ومهما تداخلت أو تشابكت الوحدات فإن العلماء ـ ومع دقة نظرهم ـ يظلون قادرين على تقديم مخرجات غاية في الدقة.
وعندما نتعقب هذه العمليات الفضائية، ونقارنها بعدم قدرة لجنة دوري المحترفين واتحاد كرة القدم على ضبط جدول مباريات الدوري والكأس لفريق أو اثنين، نستشعر حجم الأزمة، ونفهم إلى أي مدى بات الأمر خطيرا.. قد لا يكون للأمر أي علاقة بمعارف الحق والباطل، أو الصدق والكذب، أو الخير والشر، أو الشك واليقين، ولا بعلوم الفضاء البعيد، إنما هو متعلق ببساطة بطلب تقديم مباراة أو ترحيلها، لفريقي الشباب والعين، لمشاركتهما ببطولة الأندية الآسيوية.
لكن رغم مرور خمس سنوات على انطلاق دوري المحترفين، بدا الأمر أننا غير قادرين على ضبط جدول المباريات، أو حتى القدرة على تعديل مباراة، ويكفي أن اشير الى هذه الأزمة التي واجهها اتحاد الكرة ولجنة دوري المحترفين وعكف عليها بحثا ودرسا وتحليلا وفهما.. وإحقاقا للحق، وعملا بمبدأ التخصص فقد تم تشكيل لجنة استشارية مشتركة بين اتحاد كرة القدم ولجنة دوري المحترفين ـ ليس من أجل قتل الموضوع لا سمح الله ـ للبحث عن حل لتضارب المباريات والمواعيد.. وعقدت اللجنة الاستشارية المشتركة سلسلة اجتماعات ـ نعم سلسلة اجتماعات ـ بهدف التنسيق والتعاون المشترك بين الاتحاد ولجنة دوري المحترفين، بما يخدم كرة القدم الإماراتية ويسهم في تطويرها، ومع عظم العبارة ورصانتها وهدفها السامي، ما جاء بعدها نسف كل هذه المعاني، إذ اقتصر الاجتماع الذي دعت اللجنة المشتركة لحضوره ممثلين عن لجنة المسابقات في اتحاد الكرة، وممثلي اللجنة الفنية في لجنة دوري المحترفين، للبحث عن حل لطلب التأجيل، وبعد دراسة متأنية لجدول المباريات والاستحقاقات، ومنها استعداد منتخبنا الوطني لمباراة أوزبكستان ضمن تصفيات كأس آسيا 2015، ثم المرحلة الرابعة عشرة المؤجلة من مباريات دوري اتصالات للمحترفين، التي لا يعرف أحد متى تقام ثم المراحل المتبقية من الدوري، وكلها كما ترون ألغام في طريق الجدول واللجنة، يصعب على أي كمبيوتر في العالم حلها، خصوصا إذا أضفنا اليها مباراتي الدور قبل النهائي لبطولة كأس صاحب السمو رئيس الدولة والمباراة النهائية، مع التزامات الأندية في مباريات دوري أبطال آسيا، لوغاريتمات تحتاج الى عالم فضاء لحلها.
لكن اللجنة تصدت بكفاءة وجرأة للموضوع، وبعد الاجتماعات المكثفة والمناقشات الممنهجة، والنظر في أجندة المواعيد حتى مواقيت الصلاة، للبحث عن مخرج، توصلت اللجنة الى الحل الناجع «والسر الباتع».. وكان الحل هو بعد تسجيل صعوبة إحداث أي تغيير، وعدم وجود فترات زمنية كافية بين المراحل المختلفة من مباريات بطولة دوري أبطال آسيا، خصوصا مع امتداد موسم دوري المحترفين إلى شهر يونيو، تقررت مخاطبة الاتحاد الآسيوي لكي يعدل هو موعدي مباراتي دوري أبطال آسيا لناديي الشباب والعين، ليلعبا يومي 2 و10/4/2013 بدلاً من 3 و9/.4. وبذلك تكون اللجنة الاستشارية المشتركة الموسعة خرجت من الازمة كما يخرج الخباز الشعر من العجين.. بكل براعة واقتدار، خصوصا أن اللجنة اكتشفت ان الاتحاد الاسيوي يمكنه ان يعدل في مبارياته ويبحث هو عن حل مع طرفي المباراتين، وهما الاتفاق السعودي والريان القطري.. ويجنب اللجنة «صدعة الرأس».. البحث في الجداول وتعديل المباريات وما قد يترتب عليها من أخطاء تالية.
بعد جمع التساؤلات، التي قد تتبادر إلى ذهن كل منا حول الموضوع، سينتقل بنا الأمر إلى مجال تحليل عمل هذه اللجان، وقدرتها على وضع جدول مباريات، وهو بالمناسبة أبسط عمل في منظومة كرة القدم، وما هي المنتجات الفكرية التي استند كل عضو من أعضاء اللجنة الـ12، لأن يكون الحل في يد الاتحاد الاسيوي، وترك أنديتنا تخبط رأسها بأقرب حائط، وماذا لو رفض الاتحاد الاسيوي التأجيل، خصوصا إذا عرفنا أن جدوله واضح ومحدد من قبل، وهناك أطراف أخرى قد ترفض التأجيل، إن استقراء عمل اللجنة الموسعة المشتركة وتصفح ما وصلت إليه من نتيجة، والنظم المعرفية التي قامت عليها، وبنت عليها نتائجها تقول ببساطة إن تعديل مباراتين في الكأس ليس بالأمر المستحيل، إلا إذا قلنا: «إن تغضبون كلنا فاشلون!!».
yakoob.alsaadi@admedia.ae