حصاد التنمية البشرية!

قبل أن يكتمل العقد الرابع من مسيرتنا الوطنية في تأسيس الدولة، ماذا كان الحصاد على مختلف المستويات وفي مختلف المسارات، لاسيما على صعيد التنمية البشرية؟!

مثلما نفخر نحن أبناء الإمارات بحصاد الجوائز والأوسمة والميداليات الذهبية التي تحصدها فرقنا في البطولات الرياضية العالمية، فإنه يجب أن نفخر أيضاً بأننا قد حصدنا المرتبة الأولى وتصدرنا دول العالم في مرض السكري، وهناك في الأفق سنحصد جائزة ارتفاع في معدلات مرض السرطان، وربما نحصد مستقبلاً بطولات جديدة في ميادين الأمراض الخطرة، وهذا أمر طبيعي بعد أن شهدت أسواقنا طوال 39 عاماً من مسيرة التنمية وبناء الإنسان تدفقاً هائلاً من السلع والبضائع الاستهلاكية المسرطنة، ومن الطبيعي أن يحدث هذا في ظل تفكك مفاصل وزارة الصحة، مع غياب التنسيق الفاعل والحقيقي بين هيئات الصحة في إماراتنا الحبيبة، وفي ظل غياب الرقابة الصحية الفاعلة على السلع والبضائع الاستهلاكية، وتواصل تدفق الهجرة الخارجية، وزيادة الطلب على السلع والبضائع المستوردة من مصادر غير موثوقة، أو إنتاج سلع ـ كالخضراوات والفواكه ــ بكميات كبيرة وبأحجام غريبة، بسبب جرعات زائدة من الأسمدة الكيماوية، ليس لنقول للعالم إننا ننتج سلعاً غذائية! بل من أجل ملء جيوب أصحاب مزارع انعدمت لديهم المسؤولية.

من الطبيعي أن تتفشى الأمراض، بسبب نقص التنسيق بين منافذ الدولة التي يتجاوز عددها الـ30 منفذاً، ومرور سلع وبضائع استهلاكية بعضها ضار، بما في ذلك الأدوية!

طبيعي أن يحدث هذا كله في ظل غياب الدور الفاعل لهيئة الرقابة والتقييس لإخضاع السلع والبضائع الداخلة لبطوننا وأجسادنا لشروط المواصفات، بما في ذلك سلع استهلاكية تنتج محلياً وتحمل ماركات عالمية كالمشروبات الغازية والأغذية، لكنها مختلفة عن المواصفات العالمية، وتجد إقبالاً كبيراً من قبل سكان الدولة.

من الطبيعي أن يحدث هذا في ظل تراجع الدخول وارتفاع الأسعار وارتفاع معدلات البطالة ـ بما فيها البطالة الوافدة ـ ليس لسبب إلا من أجل زيادة الطلب على السلع والبضائع الاستهلاكية حتى لو كانت مقلدة أو ضارة.

طبيعي أن يحدث هذا في ظل المتاجرة في صحة الناس من قبل مستشفيات ومراكز وعيادات طبية خاصة تحترف جني الأرباح على حساب صحة الناس، وتستغل ضعف الرقابة الصحية عليها! ومن الطبيعي كذلك أن يحدث هذا في ظل تراجع مستوى العلاج النوعي في مستشفياتنا الحكومية.

كما أن من الطبيعي أن يحدث هذا في ظل غياب حماية الإنسان من الأوبئة الناجمة عن تلوث البيئة بسبب المصانع والكسارات المزروعة في القرى المأهولة بالسكان، من دون إصدار تشريع رادع أو قوانين حمـاية.

alshamsi.n@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

الأكثر مشاركة