أمن الطاقة

لا شك في أن الطاقة عنصر أساسي في عالم اليوم، فهي عصب الحياة وقضية الساعة، فلا تخلو استراتيجية وطنية من أمن الطاقة كونها حجر الأساس في تقدم الأمم وازدهار الشعوب، فكما أن الغذاء وقود للبشر، فالطاقة كذلك وقود لكل مظاهر الحياة.

توليد الكهرباء، وحركة وسائل النقل، وتشغيل المعامل وأفران المصانع، حتى غاز الطهي جميعها تحولت إلى مفاصل مهمة في أنشطة الحياة اليومية، التي من شأن الإضرار بها أو انقطاعها أن يشكل ضربة قاصمة لأي استقرار اقتصادي أو اجتماعي منشود.

دول كثيرة لديها احتياطي استراتيجي لا يجعل اقتصادها عرضة لتقلبات الأسعار أو نقص المعروض، لأنه الوقود المحرك لعجلة الاقتصاد الضامن لديمومة الحياة، خصوصاً أن عالم بلا طاقة اليوم هو عالم مشلول وعاجز عن أن يعيش حياة لائقة.

ففي دنيا اليوم تتشابك مصالح السياسة بالاقتصاد من أجل الطاقة، ويلعب كل من النفوذ السياسي، والتفوق العسكري، والتقدم التقني دوره في السيطرة على مصادر الطاقة أو تطويرها، وسيظل العالم مرتهناً، حتى إشعار آخر، إلى النفط والغاز الطبيعي في تقدمه وازدهاره، وبدوره سيجعل من الهيدروكربونات مصدراً رئيساً للطاقة ولعقود مقبلة، على الرغم من البدائل التي تنمو بخطى بطيئة.

فالوقود ليس سلعة يمكن سحبها من رف سوبرماركت، بل هو سلعة تستخرج من باطن الأرض، ثم تكرر، ثم تنقل وتوزع، وأثناء هذه الدورة تكون هذه السلعة عرضة لتقلب الأسعار تبعاً لظروف الطقس أو أخبار السياسة أو انكماش الاقتصاد أو هبوط العملة، وكل هذا يجعل من غير الهين التحكم فيها، إن لم تعالج المسألة كقضية أمن وطني، تضمنها من البئر إلى المستهلك.

فقضية الطاقة اليوم هي قضية استراتيجية لابد أن تهتم بها الدولة، وتضعها في قمة أولوياتها، فالدولة الاتحادية هي المسؤولة ليس فقط عن توفيرها، ولكن أيضاً ضمان أسعارها وخروجها من إشكالية التقلبات التي ترتبط بها دوماً. وإذا كان اليوم نقص الوقود في بعض المحطات له تداعيات سلبية على وسائل النقل، فإن الدور الاتحادي كان هو المعوّل عليه في حل المشكلة لضمان الرخاء والازهار في أرجاء الإمارات كافة، وهذا ما تم أخيراً، إيماناً من القيادة بأن لنقص الطاقة تأثيرات اجتماعية وصحية وتعليمية واقتصادية، كان من الضرورة علاجها، فالحكومة الاتحادية ستبقى بالوهج ذاته، والاهتمام ذاته لكل مفاصل حياتنا، ليس في مجال الطاقة فحسب، بل في كل مناحي الحياة المتعددة.

hkshaer@dm.gov.ae

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

الأكثر مشاركة