عام المفاجآت

يبدو أن العام الجاري لن ينتهي على خير على بعض الأنظمة العربية، وسيكون مخاضه صعباً عليها، وأيامه ثقيلة، بعد أن كانت بداياته ثورة الخبز في تونس، وثورة الشباب في مصر، وثورة الشعب في ليبيا واليمن. إنها إرادة الشعوب الحيّة التي أرادت أن تكسر القيود التي كبلتها طوال عقود طويلة، وحالت دون تحقيق ذاتها وتنمية وطنها، إنها إرادة شعوب آمنت بأن الليل لابد أن ينجلي، بعد أن طال وتمادت خفافيشه في نهب الوطن ومص دماء الشعوب.

ثورة الخبز في تونس، منتصف ثمانينات القرن الماضي، وثورة الخبز وحركة «كفاية» في مصر، لم تكن لتحد من تمادي النظامين في تجويع الشعوب، ولم تكن الثورتان كافيتين لأن يفهم النظامان أن الشعوب جائعة، والفساد يتفشى، والفقر المدقع يضرب بأطنابه، ليتغذى على مكتسبات الوطن والثروة البشرية.

لم يكن يعتقد أحدنا، وحتى الأنظمة ذاتها، وكذلك الدول المساندة للأنظمة الفاسدة في وطننا العربي، أن ثورة الجياع وإدارة الشباب لها ستحقق أهدافها بهذه السرعة القياسية (لم تجاوز 20 يوماً!)، لكن هكذا هي إرادة الشعوب التي آمنت بدورها، وحققت مبتغاها، بعد أن كسرت الخوف الذي ظل يحاصرها عقوداً طويلة، وتمردت على استكانتها، وحددت أهدافها، فخرجت إلى الشوارع والميادين لتحطم القيود وتنادي بالحرية، وتقول كلمتها التي دوّت في كل أرجاء المدينة.

لقد كانت الدوافع الأولية التي حركت كل تلك الجماهير، سواء في تونس أو مصر، اقتصادية معيشية صرفة، فقد كان مثلث الرعب (الفقر، والبطالة، والجوع)، ينهش في أحشاء وعقول وقلوب شرائح الشباب قبل الكبار، ويهدد مستقبل الصغار قبل الكبار، فكان لابد من الخروج، ولكن هذه المرة من دون عودة، والحصول على حقوقها الدستورية: (المادية منها والمعنوية والمدنية)، فسلم النظام الحاكم في تونس أمام جحافل ملايين الشباب، واستسلم النظام المصري معترفاً بأخطائه الجسيمة في حق الناس والتنمية واستقرار البلاد وازدهار العباد، وها هي ثورة الشعب الليبي قاب قوسين أو أدنى من تحقيق حلم الاستقلال.

إن تونس بإمكاناتها الاقتصادية المحدودة، قالت كلمتها، بعد أن تم نهب تلك الإمكانات رغم محدوديتها، ومصر خرجت عن بكرة أبيها في يوم «مبارك» عازمة على استرجاع حقوقها، ووقف من ينهب ثروتها الطائلة، ويعطل مسيرة التنمية فيها ويجوع شعبها.

alshamsi.n@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

الأكثر مشاركة