الرياضة الليبية في عهد «القذاذفة»
الرياضة الليبية واحدة من بين ضحايا فترة حكم عائلة الرئيس معمر القذافي التي امتدت لأكثر من 40 عاماً، وضاعت خلفها هوية هذه الدولة العربية الإفريقية الغنية بالثروات الباطنية، والطاقات البشرية الهائلة التي تندرج من طبيعة حياة هذا الشعب، البدوية القاسية، وما تنتجه من تكوين جسماني مثالي في ألعاب مختلفة مثل كرة القدم وكرة اليد وألعاب القوى وسباقات العدو بمختلف اصنافها.
فدولة مثل ليبيا تتسع مساحتها لأكثر من مليون ونصف المليون كيلومتر مربع، ويقطنها اكثر من سبعة ملايين نسمة ممن يمتلكون المواصفات الجسمانية العربية والإفريقية المدعمة بالإمكانات المالية الهائلة التي يتمناها اي رياضي في العالم، لم تنتج لنا على مدى اربعة عقود مضت، اي حالة فريدة ومميزة في الرياضة، على الرغم من ان دول الجوار التي تحيط بها، مثل مصر وتونس، وبإمكاناتها المتواضعة، حفر أبناؤها أسماءهم بأحرف من ذهب في شتى المجالات والألعاب، فحقق المصريون في كرة القدم رقماً قياسياً في احراز بطولة امم افريقيا، وتأهلوا الى كأس العالم ،1990 فيما انتجت تونس اسماء لامعة في السباحة مثل اسامة الملولي، كما اصبحت رقماً صعباً في كرة القدم وبلغت نهائيات المونديال اربع مرات، واذا اردنا توسيع نطاق الحديث اكثر من ذلك ليصل الى الجزائر والمغرب، فإننا بحاجة الى مجلدات وملاحق للحديث عن الرياضة في هذه الدول.
اين المنتخب الليبي بكرة القدم؟ واين الأندية الليبية؟، أليس الرئيس معمر القذافي مسؤولاً عن غياب فرق بلاده عن منصات التتويج، بسبب الأفكار والخزعبلات التي فرضت على ابناء ليبيا ولاقت الضحك من العالم مثل فكرة ان كرة القدم غبية؟ ولماذا يركض 11 لاعباً وراء كرة، والرياضة للجميع وعلى الجمهور ان ينزل الى ارض الملعب ليلعب مع الفريق، لأن من الغباء ان يدخل الجمهور الى مطعم لمشاهدة الناس يأكلون بل عليهم المشاركة في الأكل، ولا يحق لفرد ان يحتكر الرياضة او نادٍ يحتكر الثروة! كما وصف الجمهور بالمغفل الذي فشل فاصطف للتصفيق لغيره، لذلك فالجماعات البدوية لا تتفرج على غيرها لأنها جادة في حياتها، وبالنسبة للمصارعة والملاكمة هي إرث بشري قديم لا يمارسه الإنسان المتحضر، وغيرها من المعتقدات!
والغريب ان هذه المعتقدات والمبادئ لم يكن القذافي يطبقها هو أو ابناؤه لأن نجله الساعدي، مثلاً، دفع الأموال الطائلة من اجل ان يلعب محترفاً في نادي بيروجيا الإيطالي 2003 ويصبح نجماً يشاهده الناس ويصفقون له، على الرغم من الانتقادات التي واجهها النادي من جمهوره اثر هذه الصفقة الغريبة، فضلاً عن امتلاك مؤسسة ليبيا للاستثمار حصصاً في نادي يوفينتوس الإيطالي، فكان لعب كرة القدم والاستثمار بها حلالاً عليه وعلى ابنائه، وحراماً على الشعب الليبي.
الساعدي بحث عن امجاد شخصية على الرغم من توليه دفة المسؤولية رئيساً للاتحاد الليبي لكرة القدم، وحاول استغلال المنتخب الليبي بضم نفسه ضمن التشكيل الرسمي عام 2005 بدلاً من ان ينهض بهذا الفريق الذي لم يحقق شيئاً في تاريخه، باستثناء حصوله على المركز الثاني في بطولة امم افريقيا التي اقيمت عام 1982 في ليبيا، اعقبتها مشاركة يتيمة في البطولة نفسها ،2006 وخرج من الدور الأول. حال الكرة الليبية لا يسرّ صديقاً أو عدواً، لأن الطاقات الموجودة في أندية مثل الاتحاد وأهلي طرابلس واهلي بنغازي بحاجة الى من يقودها الى استعادة امجاد عمر المختار.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .