رؤية

دول مجلس التعاون والعالم

نجيب الشامسي

بدأت المرحلة الحديثة من العلاقات الاقتصادية بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي والعالم، مع الاكتشافات النفطية، ودخول دول المجلس ميدان إنتاج النفط، والتصدير خلال عقد الستينات، إذ شكلت دول المجلس أهمية استراتيجية كبرى، وسجلت حضوراً دولياً، خصوصاً في الساحة النفطية.

ولذلك، فإن دول مجلس التعاون مطالبة عند بناء علاقاتها الاستراتيجية الاقتصادية والتجارية، والدخول في مفاوضات مع دول ومجموعات، أن تدرك جيداً أنها تمتلك مصادر قوة، وأنها تشكل أهمية استراتيجية بالنسبة لدول العالم، وبالتالي، عليها أن تراعي تكافؤ الفرص مع مختلف الدول والمجموعات، من دون تفريط في مصالحها الاستراتيجية، وتوظيف أهميتها الاقتصادية في تحقيق مطالبها من تلك الدول والمجموعات، التي ترتبط أو التي سترتبط معها باتفاقات اقتصادية وتجارية، خصوصاً أن دول العالم أصبحت تحج إلى دول المنطقة، لإبرام اتفاقات استراتيجية، مثل إنشاء منطقة للتجارة الحرة، أو اتفاقات استثمار، أو ازدواج ضريبي، سعياً إلى الحصول على فرصها في النفط والغاز الخليجي، أو تصريف منتجاتها السلعية، أو جذب مزيد من الودائع والاستثمارات الخليجية لمصارفها وأسواقها، وقطاعاتها الاقتصادية.

وتكمن الأهمية الاستراتيجية الاقتصادية لدول المنطقة، التي يجب أن يدركها الفريق المفاوض في المفاوضات مع مختلف الدول والمجموعات، أنها تمتلك أهم مصادر الطاقة في العالم، وهما النفط والغاز. فهي تملك احتياطات نفطية تقدر بنحو 484 مليار برميل، فيما تصل احتياطاتها من الغاز إلى 40 ملياراً و264 قدماً مكعبة، في ظل احتدام الصراع العالمي على مصادر الطاقة، والطلب المتزايد على النفط والغاز الخليجي من قبل دول تسعى إلى تحقيق معدلات نمو اقتصادي عالية، خصوصاً الهند والصين، اللتين أخلتا بصفتهما طرفين مهمين في هذا الصراع.

أما مصدر الأهمية الاقتصادية الثاني، فيكمن في الاستثمارات الخليجية، ورؤوس الأموال التي تسعى دول العالم إلى اقتناص نصيب منها في هيئة ودائع مصرفية، أو استثمارات مباشرة في الأسواق المالية، أو في هيئة استثمارات في قطاع العقارات، وكل تلك الاستثمارات تخدم الأهداف الاقتصادية للدول التي تدخل في اتفاقات مع دول العالم، التي تجد في السيولة الخليجية أهمية كبرى، خصوصاً مع تداعيات الأزمة المالية العالمية عام ،2008 واحتدام الصراع على الاستثمارات العالمية، كما تأتي أهمية دول المنطقة اقتصادياً، من كونها تمتلك أسواقاً تجارياً تتسم بقوتها الشرائية، ونزعتها الاستهلاكية، إضافة إلى الطلب المتزايد، لذلك، تسعى دول العالم من شرقه وغربه، إلى إبرام اتفاقات تجارية لتصريف منتجاتها السلعية، خصوصاً في ظل انخفاض الطلب العالمي على السلع والبضائع، بسبب الأزمة المالية.

والساحة الدولية تشهد في يومنا الحالي، تنافساً شديداً على الأسواق لتعزيز حجم صادراتها، وخدمة أهدافها الاقتصادية، ومن هنا، فإن دول المجلس وفي إطار سعيها إلى الدخول في مفاوضات تجارية واقتصادية، عليها أن تدرك أهميتها الاقتصادية، وقدرتها الاستراتيجية الذاتية، ومكامن قوتها، كي تصبح قادرة في مفاوضات من دون تفريط في مصالحها، ومكتسباتها، وأهدافها الاستراتيجية.

alshamsi.n@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر