دبي نموذج للتنمية

تعتبر دبي نموذجاً ناجحاً للتنمية، يمكن توسيعه ليشمل الإمارات الأخرى. فلماذا نجحت الإمارة في تجربتها؟ لا شك في أن هناك عوامل عدة أسهمت في نجاح تجربة دبي التنموية، لتصبح نموذجاً حياً ليس على المستوى المحلي والإقليمي فحسب، وإنما على المستوى الدولي أيضاً.

فالتاريخ الاقتصادي والاستراتيجي لدبي، بدأ منذ عقود طويلة بدأت في ستينات القرن الماضي، حينما بدأت الحركة تدب في دبي، في ضوء إرادة قوية، ورؤية ثاقبة، وتوظيف صحيح لكل موارد الإمارة، وثروتها المحدودة، حينما بدأ المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، حاكم دبي آنذاك، في التخطيط بشعور التحدي والإرادة الصلبة، لتحقيق التنمية في الإمارة، مستفيداً من الموقع الاستراتيجي المتوسط للإمارات، وتحويل دبي آنذاك إلى ميناء لتصدير واستيراد السلع والبضائع التي تصب فيها من بقية إمارات الدولة، ليتم تصديرها إلى الخارج. فيما تستورد دبي السلع والبضائع الأجنبية، وتوزيعها في مختلف أسواق الإمارات، وإعادة تصدير الجزء الآخر إلى دول المنطقة قبل استقلالها.

اقترض المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، لتنفيذ مشروعه الحضاري والاقتصادي، واستثمر تلك القروض في إحداث بنية تحتية أصبحت مع الأيام تضاهي البنية التحتية في العالم.

كان هناك مشروع الحوض الجاف، وميناء جبل علي، ومركز دبي التجاري، ومطار دبي الدولي، وجسر آل مكتوم، وشبكة طرق وخدمات صحية وتعليمية، ثم تشريعات وقوانين شجعت وحفزت من تدفق الاستثمارات الأجنبية قبل الوطنية. وحينما علم القاصي بتلك التجربة الناجحة، والبنية الاستثمارية الواعدة، سعى إلى استثمار أمواله في هذه الإمارة، وهكذا استقطبت دبي استثمارات خليجية وأجنبية، تم تدويرها في شرايين الاقتصاد والتجارة في الإمارة، وازدادت دبي نشاطاً وتوهجاً.

بدأت الوفود تحجّ إليها ليس من دول مجلس التعاون الخليجي فحسب، وإنما من مختلف دول العالم، للاطّلاع على هذا النموذج الناجح المدعوم بإرادة صلبة، وإيمان مطلق بالنجاح، على الرغم من إمكانات مالية محدودة، ومساحة جغرافية صغيرة، وطاقات بشرية محدودة. لكن الإرادة والإيمان كانا سلاح ذلك القائد الفذ والنادر الذي تعد نظرته الثاقبة بالنجاح، وأينما يسقط نظره، كانت هناك قصة نجاح على موعد معها.

غادرنا راشد، ولم تغادرنا تجربته، ولم تمت أفكاره، ولم تتزعزع إرادته، ولم يتراجع إيمانه، إذ ورّثهما لأنجاله وأبناء الإمارات، وها هي دبي تزداد ازدهاراً وتنمية، وها هي تنتقل من قصة نجاح إلى أخرى، وترد على كل الحاقدين والحاسدين، حيث انتقلت دفة قيادة الإمارة لتصل إلى صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الذي تشبّع بفكر والده، وتتلمذ في مدرسته، ليمزج كل ذلك الفكر، بأفكار حديثة، ورؤى جديدة، ليستمر النجاح، وتترجم الأحلام في هذا النموذج الذي لا يعرف الاستسلام.. إنها قصة نجاح.

alshamsi.n@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

الأكثر مشاركة