أزمة غذاء

هل نحن حقاً مقبلون على أزمة غذاء جديدة؟ الجواب بكل واقعية نعم، فكل المؤشرات تنبئ بأن هناك أزمة قادمة على الصعيد العالمي، فالارتفاع في أسعار المواد الغذائية يبدو واضحاً والتعامل معه أصبح هاجساً كوكبياً، فهناك نحو مليار جائع في العالم، ولا تبدو بارقة أمل، على المدى المنظور، لتحقيق أبرز الأهداف الإنمائية الألفية وهي تخفيض عدد الجوعى في العالم إلى النصف بحلول عام .2015

لاشك أن التحديات التي تواجه الأسرة الدولية لمكافحة الجوع ستزيد وطأتها عاماً بعد آخر، في ظل تزايد سكاني متسارع يلقي بثقله على السعة الحيوية للأرض، من أجل تأمين الغذاء لنحو تسعة مليارات إنسان في العام ،2050 وهو ما يعني زيادة الإنتاج العالمي من الغذاء بنحو 70٪ عما هو عليه اليوم، وهو أمر يصعب تحقيقه، بل يستحيل في ظل نقص المياه وانخفاض انتاجية الأرض الزراعية وظروف مناخية متقلبة، ناهيك عن أنماط استهلاكية أكثر إلحاحاً من ذي قبل.

إن تحقيق الأمن الغذائي يصبّ في صميم الأمنين الوطني والدولي ولا يتأتى ذلك إلا بضمان الحد من نقص الغذاء، والحد من ارتفاع سعره، وتأمين سلامته، وكل من هؤلاء يمثل في حد ذاته تحدياً عسيراً، فإمدادات الغذاء من حبوب أو خضار أو فواكه أو لحوم تأتي من الخارج، وضمان توافرها مرهون بكفايتها في البلد المصدّر، وقدرته على إنتاج قدر كافٍ يحقق إشباع حاجات شعبه في المقام الأول، كما أن عدالة السعر وملاءمته تتحكم فيهما عوامل عديدة ترتبط بكفاءة المنتج وكفاية الإنتاج إضافة إلى نزاهة التاجر في القبول بهامش ربح يتوافق مع السوق السائدة. أما سلامة الغذاء فهي هدف رئيس لضمان سلامة الإنسان وصحة المجتمع عبر مكافحة الغش والتسممات ودرء الأخطار الناشئة عن سوء الاستغلال.

لن تكون مشكلتنا في المستقبل تنحصر في ارتفاع اسعار الطماطم أو الفجل أو الخيار، بل القدرة على توفيرها واستدامة تأمينها، والحل لن يكون هيناً ولكنه سيكون ضرورة لا مفر منها، خصوصاً أن مئات المليارات ينبغي استثمارها في توفير الدعم التقني والفني لمزارعين في شرق الأرض وغربها من أجل اصلاح أنظمة الزراعة وتطوير الأبحاث الهادفة إلى زيادة الإنتاجية وتقليل استخدام الموارد المائية، الأمر الذي يستوجب تكامل المجتمع الإنساني وتكاتفه من أجل إنقاذ الكوكب من براثن الجوع ، والوعي بالأزمة المحدقة بالإنسان، التي تتطلب وضع حد للاستهتار في هدر الغذاء والماء في الوقت الذي يعاني فيه الملايين الجوع والعطش، فالحروب ليست وحدها رعبنا المستقبلي بل ربما كانت الحروب أخف وطأة من جوع وعطش قادمين.

hkshaer@dm.gov.ae

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

الأكثر مشاركة