من المجالس

عادل محمد الراشد

لماذا تفشل الثقافة عندنا في زيادة جمهورها.. وتنجح الرياضة؟ هل لأن الثقافة والمثقفين دمهم ثقيل، بينما الرياضة ونجومها خفة ورشاقة و«دمهم بارد على القلب»؟ قد تكون الثقافة مدعاة للجد، والمثقف يجلب الغم، ويذهب الفرح، بينما الرياضة تعكس الصحة، وتجلب الفرح. وبالتالي فمن الأولى بالناس الإقبال على الثانية على حساب الأولى. ولكن الجد وحمل الهموم، وتحريك الضمائر له هو الآخر شعبية واسعة لدى «بعض» المثقفين، ونفر من الدعاة المحدَثين (بفتح الدال). فقد استطاع هؤلاء كسب شريحة واسعة من القراء، وأن يملأوا الصالات والمسارح، ويشدوا ملايين المشاهدين لشاشات التلفزيون، ويقيموا شبكات واسعة من العلاقات على صفحات الإنترنت. أين الخلل إذن؟ بعض المثقفين والقائمين على المؤسسات والجمعيات الثقافية يرمي باللوم على المؤسسات الرسمية، ويتهمها بالانحياز إلى الرياضة. ويدلل على رأيه بحجم الدعم المادي والمعنوي للأندية من الحكومة، بينما تتسول المؤسسات والجمعيات الثقافية دعماً لا يكاد يكفي إصدار مطبوعة. وفي هذا القول حجة قوية ولكنها ليست داحضة. فالرياضة مدللة وأهلها أصحاب حظوة.. هذا صحيح. ولكن أهل هذا الميدان استطاعوا أن يحولوا أنديتهم إلى مؤسسات، وانخرطوا في حركة المجتمع، وطوروا وسائل الدعاية وفن التخاطب مع الجمهور إدارياً، وإعلامياً، وإعلانياً. أما أهل الثقافة ومؤسساتها فلايزالون يلحنون على موضوع ضعف الدعم الحكومي، من دون أن يفكروا في وسائل أخرى بديلة تغنيهم عن الوقوف على أبواب الدعم الحكومي من ناحية، وتكسبهم المزيد من الاستقلالية من ناحية أخرى. أمّا السبب الذي أراه أكبر وأهم من ذلك في هذا الانكماش، فيكمن في إصرار معظم المثقفين ومؤسساتهم على مخاطبة بعضهم بعضاً، وكأنهم خارج ما يحدث حولهم. يريدون أن يأتي الناس إليهم ولم يفكروا هم بالوصول إلى الجمهور. لغة الخطاب لاتزال رتيبة، وأحياناً متعالية. والقلة التي خرجت على هذا النص من المثقفين والدعاة استطاعت أن تجد لها مكاناً في قلوب عامة الناس، وتزاحم الرياضة والرياضيين في المدرجات والصالات العامة.

adel.m.alrashed@gmail.com

تويتر