علاوات المواطنين وأبنائهم..

سامي الريامي

ليست عنصرية، ولا هي دعوة إلى التفريق بين الموظفين، لكن الواقع يثبت أن توحيد الدرجات الوظيفية بين المواطنين وغيرهم لم يكن قراراً ناجحاً على الإطلاق، ولعله كان العائق الأساسي في عملية التوطين في كثير من المهن والدوائر المحلية.

إعطاء المواطن مزايا إضافية، أو بدلات مالية لتحسين وضعه، ليس مخالفة ولا جريمة ولا هو ممارسة سلبية ضد حقوق الإنسان، بل هو حق من حقوقه باعتباره ابن البلد، وبالتالي فإن حرمانه من مكتسبات مالية ليس فكرة جيدة، خصوصاً أنها تدعم وضعه المالي، وتساعد الدولة على تشجيع المواطنين وزيادة مساهمتهم في العمل في مختلف القطاعات.

قبل سنوات عدة كانت الدرجات الوظيفية مختلفة، وكانت هناك درجات خاصة بالمواطنين، يحصلون من خلالها على علاوة سنوية، وبدلات للأبناء، وغيرها، وكانت هذه الدرجات واحدة من أهم الميزات التي تساعد المواطنين على تحمل مسؤوليات الحياة المختلفة، كما أنها عامل جذب لهم في بعض المهن الصعبة، وفجأة تغيرت القوانين، وأسهم بعض الوافدين الذين تمت الاستعانة بهم على أساس أنهم «خبرات إدارية»، في وضع نظام جديد لشؤون الموظفين، تم من خلاله توحيد كل الدرجات، والنتيجة كانت واضحة، هي خسارة المواطنين جميع مكتسباتهم الوظيفية السابقة، وإعطاء الآخرين مزايا إضافية من خلال تسكينهم على الوظائف الجديدة، وتغير الحال من مزايا وبدلات مخصصة للمواطنين، إلى مزايا وبدلات وعقود خارجية للأجانب ميزتهم ووضعتهم في وضع مالي أفضل حتى وإن كانت المهمة الوظيفية التي يقوم بها الجميع واحدة!

بالتأكيد لا يشمل ذلك جميع الوافدين، وليست كل الدرجات الوظيفية مقصودة بعينها، وبالتأكيد هناك من الوافدين من يستحقون كل زيادة وميزة، وبالتأكيد هناك وظائف صعبة تحتاج إلى مزايا إضافية، ولا مانع من إعطائها للوافدين والأجانب، ولكن بكل تأكيد فإنه لا جرم إطلاقاً في إعطاء المواطن بدلاً مالياً مختلفاً لأبنائه مثلاً، فنحن في مجتمع يعاني ندرة المواطنين، وهذا أمر جليّ ولا خلاف عليه، بل هناك كثير من الدول الكبرى التي بدأت تفكر في إعطاء مواطنيها مزايا إضافية لتشجيعهم على الإنجاب وزيادة النسل، أهمها اليابان وسنغافورة والنرويج، وغيرها من الدول، فما الحرج في تطبيق ذلك في الإمارات؟ أو بالأحرى، ما الذي استدعى إلغاء ذلك في الإمارات؟!

فكرة العلاوة الإضافية للمواطن كانت موجودة، ولم تكن في يوم من الأيام محط تذمّر أو نقاش من الآخر، لأنها حق مكتسب كحق حصول المواطن على مسكن أو تعليم الأبناء، أو أي منحة تقرر الدولة منحها لمواطنيها، وبالتالي لا يجوز من حيث المبدأ والمنطق الاعتراض عليها من قبل الآخر، لكن مع تغيير الأنظمة والقوانين، وتحويل المزايا إلى الجميع، فإن مثل هذه الفكرة ربما تكون اليوم مثار جدل، لكن لا يعني الجدل أبداً أن الفكرة خاطئة، فوضع الدولة وتركيبتها تحتم التفكير في طريقة لتحسين وضع المواطنين ومزاياهم، والوصول بدرجة الرخاء لهم إلى مستويات أعلى، وهذا شيء مقبول وشرعي ومعمول به في جميع دول العالم دون استثناء.

reyami@emaratalyoum.com

تويتر