«الناطق الرسمي»

عبدالله الشويخ

في كتابه «ماذا حدث؟» الذي يتحدث فيه الناطق الرسمي السابق للبيت الأبيض سكوت ماكليلان، عن ذكرياته في بيت قادة العالم ، ذكر أن الكثيرين عابوا عليه انه كذب أو لم يقل الحقيقة، بحسب التعبير السياسي الأميركي، في قضية حملة بوش الانتخابية عام ،2000 ولكنه يعود ويؤكد أن هناك فرقاً بين ما يعتقده وبين ما يمليه عليه الواجب، على الرغم من أن كتابه كان يمتلئ بنقد شخصي ومباشر للإدارة التي كان يدافع عنها في ما سبق.

تراوحت ردود الفعل التي صاحبت تقرير «الإمارات اليوم» عن موضوع الناطق الرسمي في الدوائر الاتحادية، بين من يحمل نظام الناطق الرسمي المسؤولية، وبين من يرى الخلل في فهم الدوائر الحكومية لطبيعة عمل الناطق الرسمي، ولكن السؤال الذي لم يطرح أثناء ذلك السجال هو : هل وصلنا في الإمارات إلى مرحلة الإدراك الحقيقي لطبيعة وظيفة الناطق الرسمي؟

أنا لا أتحدث هنا عن وجوده أو سهولة الوصول إليه، ولكنني من تجربة شخصية طويلة وصعبة أكاد أجزم أنه لا يفهم ما يعانيه من يحمل صفة «ناطق رسمي»، إلا من عمل فعلاً في هذه المهنة، ففي حين توجد ظواهر سلبية تنسب مباشرة إليه، أما في كونها إيجابية فهي تُنسب إلى الجهة التي يعمل فيها.

ولاء ما يُعرف بـ«الناطق الرسمي» للمؤسسة التي يعمل فيها لا يضاهيه حتى ولاء من يفوقه منزلةً، فهو من ناحية ليس في مصاف كبار الموظفين، ومن ناحية أخرى يتلقى كل ما يوجّه من انتقاد أو استفسار أو حتى إهانة، إلى الجهة التي يعمل فيها، «الناطق الرسمي» يتعرض كثيراً أيضاً لضغوط من المحيط، ومن كل من له علاقة في دائرته، لأنه هو الذي يتوسط بؤرة الضوء، ولكنه لا يستطيع ان يقول لمن لا يفهم طبيعة هذه المهنة إن هناك فرقاً بين ما يعتقده «كشخص» وبين ما يجب أن يقوله لدى ظهوره أمام وسائل الإعلام، لأنه في تلك الحالة لا يمثل نفسه بل يمثل الجهة التي يعمل فيها، ويعتقد جازماً أن المسؤولين يرون الصورة من كل جوانبها بينما يرى هو بعين وسائل الإعلام، لذا فهو يرجح كفة ما يصله من أوامر وتصريحات على كفة ما يراه صحيحاً، أو تود وسائل الإعلام سماعه منه! وفي نقطة أخرى لم نسمع عن «ناطق» رسمي في الدولة سواء في مؤسسة اتحادية أو محلية، شهر أو فضح أسراراً أو حتى انتقد جهة كان ينطق باسمها، لأنه في تقاليدنا يوجد تصرف غير موجود في الغرب، وهو أننا «لا نعض يداً صافحتنا وسلمتنا أمانتها ذات يوم»، شكراً د.مريم شناصي، شكراً للزميل عبدالله السويدي، شكراً للأستاذ حميد ديماس، و د.أمين الأميري، وبلال البدور، والأخت ميثاء الشامسي، ولبقية الناطقين الرسميين، وشكراً لكل من يعمل في هذه المهنة في جميع الدوائر المحلية في الدولة، وليتأكدوا من أنه يوماً ما سيتفهم الجميع أنه إذا كانت الصحافة مهنة البحث عن المتاعب، فمهنة الناطق الرسمي هي مهنة العثور على المتاعب في كل زاوية وكل يوم.

 

shwaikh@eim.ae

تويتر