من المجالس

عادل محمد الراشد

ظنّت شركات التأمين الصحي أنها وقعت على صيد ثمين لن ينازعها عليه أحد، وفات عليها أن فوق كل ذي فهم فهيم، وأن القصعة كبيرة عليها وحدها، وأن هناك في السوق من يسبقها خبرة في صناعة صيد الفرص ومضاعفة الأرباح.

الآن صارت هذه الشركات تشتكي من زيادة في أسعار الخدمات الطبية في تطبيق نظام التأمين الصحي، ومن مبالغات في وصف الأدوية، وتلاعبات من قبل صيدليات في صرف الأدوية، وتواطؤات من قبل مرضى للحصول على ما يحق وما لا يحق من علاج وأدوية. وقد قالوها منذ القدم: إن كنت شاطراً فغيرك أشطر. وشطار التطفل وخطف الكحل من العين كثيرون، ومن السذاجة أن تظن شركات التأمين المختصة أنها وحدها في ميدان الشطارة وأنها الوحيدة الجديرة بالاستئثار بموارد الخدمات الصحية. المستشفيات والعيادات الخاصة بدأت منذ بداية التأمين الصحي في إعادة هيكلة أسعار خدماتها بقليل من الإعلان وكثير من السرية والغموض. وإذا كان ذكاء شركات التأمين قد تأخر في كشف مثل هذه الزيادات منذ بدايتها فإن المرضى والمراجعين أشاروا إليه في وقته وفي أكثر من مناسبة ومكان. فالمائة والمائتا درهم أصبحت بعد «مرحلة التأمين» تحسب بالضعف وأكثر. وأسعار الدواء المحكومة بالتسعيرة الحكومية صار الالتفاف عليها بإطالة حجم الوصفات، وإضافة «إكسسوارات» بأسماء أدوية. ولعيادات الأسنان مذهب آخر، أكثره واضح وصريح برفع مبشر للأسعار، وقليله تحت غطاء تحميل خدمات أخرى، وإن لم يحتجها المريض. المستفيدون من التأمين الصحي لم يكونوا خارج خريطة الفهم العميق لمنازعة شركات التأمين في قصعتها. وقد ظهر على الخط من كان له دور إما في تمارض أو عقد اتفاقات غير مكتوبة مع عيادات خاصة أو صيدليات لكي يعم «الخير» ولا يخص شركات التأمين وحدها. ولكن هل كانت شركات التأمين الصحي هي المتأثر الوحيد أم ان نظام التأمين قد أحل بالكثير من الناس خسائر لم يحتسبوها، خصوصاً بعد أن تمت إحالة نصف تكاليف فاتورة الدواء وعلاج الأسنان على المريض؟ شركات التأمين رابحة في كل الحالات، ولكن الرعاية الصحية والمرضى هما الخاسران في كل الأحوال.

adel.m.alrashed@gmail.com

تويتر