التوازن بين الإيرادات والمصروفات..

سامي الريامي

البعض يعتقد أن الطلب على المطاعم سوف يتراجع خلال الأشهر المقبلة، طبعاً وفقاً لمؤشرات الأزمة المالية العالمية التي أصبحت تخيف الجميع، حتى وإن لم تبدأ فعلياً بالاقتراب من بعضهم، لكني أعتقد أن قطاع المطاعم واحد من أهم القطاعات وأكثرها «ربحاً» - اللهم لا حسد - فلا أهم لدينا نحن العرب بشكل خاص، وبقية الأمم بشكل عام من شيئين مرتبطين بالفم، هما الأكل و«السوالف» أوبالأصح «النميمة»!!

ربما نلحظ بعض التغييرات على كثير من «العادات» الاجتماعية المرتبطة بالمطاعم، هذا جائز، لكن الأقدام لن تتوقف عن زيارتها مرات متتالية خلال الأسبوع، ومن أكثر العادات المرشحة للاختفاء عند المواطنين والعرب عموماً، عادة «الاقتتال» لدفع الفاتورة، وبالفعل بدا واضحاً أن الأزمة المالية الحالية ستقضي على هذه «العادة»، حيث بدأنا نلحظ تحوّل «الخناقة» الشهيرة، إلى مجرد كلمات بسيطة تقال «من وراء الخاطر» من دون أن يصاحبها فعل مد اليد لانتزاع الفاتورة «عنوة»، كما اعتدنا أن نشاهد هذا المشهد على مختلف طاولات المطاعم!!

لسنا ضد ذلك طبعاً، بل العكس تماماً نؤيد وبشدة أن تكون الأزمة المالية دافعاً إلى كل أسرة، ورب أسرة، وأي كان، لإعادة ترتيب الأولويات، مجرد التفكير قبل الصرف، ووضع سلّم للأهمية، لا مانع من الصرف على المهم والأهم، وفي المقابل لا مانع من إلغاء كل عادة استشرت في زمن «البحبوحة» و«رغد العيش».. نؤيد وبشدة الاستغناء عن كل ما هو غير ضروري، سواء تأثّرنا خلال الفترة المقبلة بالأزمة المالية بشكل مباشر أم لم نتأثر..

دعونا نرفع شعار «نحو حياة كريمة من دون إسراف»، ومن أجل الوصول إلى هذا الهدف، فلنلغي من قواميسنا كلمات غير مفيدة على الإطلاق، ساهمت في تكريس وتسهيل التبذير والإسراف لدينا، كلمات من نوع «كل الناس يسوّون»، و«عيب ربعي شو بيقولون عني»، و«وين أودّي ويهي» و«والله فضيحة»..

لا عيب إلاّ ما هو عيب، ولا فضيحة في العقلانية والتفكير، وتاريخنا وديننا وعاداتنا لا تشجع أبداً على التبذير والإسراف ورمي الأموال في أمور هامشية غير أساسية..

فلنبتعد قليلاً عن الماديات والشكليات، ولنلتصق أكثر بالمبادئ والأخلاق الحميدة، لن يمنعك أحد من زيارة مريض، لكن هناك بدائل كثيرة لباقات الورد «الطبيعية» الضخمة التي تملأ ممرات المستشفيات وترمى بعد ثلاثة أيام في حاويات القمامة.. ازرع البسمة لدى طفلك بـ«كيكة» ولعبة مناسبة، لكن لا داعي لاحتفالات أعياد الميلاد في الفنادق والصالات الكبيرة.. أظهر نعمة الله عليك، لن يمنعك أحد من ذلك، لكن لا تنسَ أبداً أن «تمد ريولك على قد لحافك» واذا لم تكن تستطيع «مد ريولك» فلا تتعذر بوجود «اللحاف» عند غيرك!!

نستطيع إحداث الفرق، ونستطيع إحداث التوازن المطلوب بين الدخل والمصروفات، إذا حكّمنا العقل قبل أي عملية حسابية، ولعل الظروف المقبلة تكون أكثر فاعلية في مساعدة الكثير منا على إحداث هذا التوازن المطلوب، سواء تم ذلك «بالزين أوبالشين»

reyami@emaratalyoum.com 

تويتر