"نصب حب" ابن زيدون وولادة.. كفان فرقهما مكائد السياسة

تعتبر قصة ابن زيدون وولادة من أشهر الحاكايات التي شُغِل بها الناس زمنا وأثارت بينهم جدلًا كبيرا، وواحدة من أجمل القصص التي خلدها الأدب العربي، في عصر الأندلس بصفة خاصة. حيث بقيت قصة ابن زيدون وحبيبته ولادة حاضرة طيلة القرون الماضية وظهرت كتب كثيرة عن حبهما، كما ظهرت ايضا مسرحيات كثيرة جسدت معاناتهما كحبيبين في قصة حب تتداخل فيها مكائد السياسة.

ولد أبو الوليد أحمد بن زيدون المخزومي بقرطبة سنة 394هـ/1003م. ويعد من أهم شعراء الأندلس في عصره. تمتع بمكانة عالية في المجتمع القرطبي بفضل ما أنفق في تعليمه من عناية، وما وهبه الله من ملكة طيبة. ظهرت مَلَكة الشعر عند ابن زيدون وهو في سن العشرين، ذلك أنه عندما توفي القاضي الفقيه ابن ذكوان، ألقى على قبره مرثية بليغة. ثم لم تلبث العلائق أن اتصلت بينه وبين ولاّدة أشهر نساء الأندلس، وإحدى الأميرات من بني أمية، فهي سليلة بيت ملك إذ أنها بنت الخليفة الأموي محمد بن عبيد الله بن الناصر لدين الله الملقب بالمستكفي بالله، فلما مات أبوها خرجت إلى مجامع الأدباء و العلماء.

وتخليداً لحب ولادة وابن زيدون وضع لها نُصب تذكاري في ساحة مارتيليه في قرطبة وسمي "نُصب الحُب"، وفيه كفان كادا أن يلتقيان ويتلامسان، يحاكيان يد الشاعرة "ولادة بنت المستكفي" و يد حبيبها الشاعر "ابن زيدون".

وكتب على التمثال أبيات شعر عربية لكل من ابن زيدون وولادة، وترجمت هذه الأبيات أيضا باللغة الإسبانية.

في الأعلى نقشت أبيات ولادة وهي:

"أغار عليك من عيني ومني.. ومنك ومن زمانك والمكانِ
ولو أني خبأتك في عيوني.. إلى يوم القيامة ما كفاني".

وتحتها كتبت أبيات لابن زيدون وهي:

"يا من غدوت به في الناس مشتهرا.. قلبي يقاسي عليكم الهم و الفكر
ايا من إن غبت لم ألقَ إنسانًا يؤانسي.. وان حضرت فكلُّ الناس قدْ حَضَرا" .

اختلفت الأقوال في سبب انفصال ولادة عن ابن زيدون، فبعض المؤرخين قالوا إنه غازل جاريتها، وهي أحست بالإهانة، إذ كيف يتركها وينظر لمن هي في خدمتها ، فانفصلت عنه.

ومن الأقوال التي قيلت أيضًا في سبب هذا الفراق، هو تعرضها للنقد الشعري منه، حيث انتقد أبيات لها فأحست بالانتقاص، وبعدها انفصلت عنه، انتصارًا لإحساسها بمقدرتها الشعرية.

ولم تغب المكائد السياسية عن قصة ولادة وابن زيدون، حيث أنها لعبت، بحسب بعض المؤرخين، دورا أيضا في انفصالهما، حيث تقول رواية أخرى ان السبب في فراق الحبيبين كان الوزير ابن عبدوس الذي كان مولّها بولاّدة، لكنها حرمته من حبها لتقدمه للشاعر، الذي كان في نفس الوقت منافسه على السلطة، فكاد له حتى حوكم ودخل السجن سنوات طوالا، لم تنقطع خلالها ولاّدة عن زيارته.

 

الأكثر مشاركة