أولياء أمور: أطفالنا يتعرضون لمحتويات غير مناسبة لأعمارهم عبر وسائل إلكترونية مـوجهة إليهم

أفاد آباء بأن أبناءهم يتعرضون لمحتويات غير مناسبة لأعمارهم عبر وسائل إلكترونية موجهة إلى الأطفال تشمل أفلام رسوم متحركة وألعاباً قد تتخللها إعلانات غير مناسبة لسنهم، مؤكدين أنهم يحاولون التدخل لوقاية أطفالهم من أي أفكار مغلوطة قد يتعرضون لها.

ودعا تربويون وخبراء تعليم، أولياء الأمور إلى فرض برامج رقابية شاملة على المحتوى الإلكتروني المقدم للأطفال، بعد انتشار مواد غير ملاءمة يتعرضون لها في الآونة الأخيرة عبر منصات إلكترونية، مؤكدين ضرورة تشديد العقوبات على مروّجيها.

وأكد المدير التنفيذي لمكتب تنظيم الإعلام في وزارة الثقافة والشباب الدكتور راشد خلفان النعيمي، أن جميع المصنفات الفنية والأدبية المسجلة في نظام المحتوى الإعلامي في الدولة تخضع لمنظومة متابعة وتقييم خاصة بالمحتوى المتداول، سواء كانت أفلاماً تعرض في دور السينما أو ألعاب فيديو تُباع في متاجر التجزئة أو كتاباً يتم تداوله في مكتبات تجارية في الدولة، مشدداً على أن التقييم يخضع لمعايير المحتوى الإعلامي ونظام التصنيف العمري.

ورصدت «الإمارات اليوم»، انتشار وسائل موجهة إلى الأطفال تتضمن محتوى غير مناسب لأعمارهم، شهدت انتقادات واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، من بينها أفلام رسوم متحركة وألعاب إلكترونية، أبرزها فيلم (light year) الذي منعت الإمارات عرضه ممثلة في مكتب تنظيم الإعلام لمخالفة الفيلم معايير المحتوى الإعلامي المعمول بها في الدولة.

كما تضمنت ألعاباً إلكترونية توجه الأطفال نحو أفكار غير ملاءمة لأعمارهم، ومن بينها لعبة (subway) الشهيرة، التي تضمنت في أحد تحديثاتها وجود شعار يروج لـ«انحرافات سلوكية»، وكذلك لعبة (pop it) التي أثارت جدلاً واسعاً في العالم العربي، بسبب دلالات ألوانها.

وتفصيلاً، ذكر ولي أمر محمد عبدالفتاح، أنه رصد محتوى غير مناسب يظهر في صورة إعلانات لأطفاله على «آي باد» الخاص به، وهو ما أثار حفيظته ودفعه لمحاولة تغيير الإعدادات الخاصة بالـ«يوتيوب» لحظر أي محتوى غير مناسب لهم، مؤكداً أن هناك هجمة إلكترونية من خارج الدولة تسعى للترويج لأفكار تخالف عاداتنا وتقاليدنا، وهو ما ينبغي أن ننتبه إليه جيداً لحماية أطفالنا، مضيفاً أن الدولة تبذل جهداً كبيراً في هذا الإطار، لكن دور الأهل ضروري لفلترة المحتوى القادم عبر الإنترنت.

وقالت ولية أمر (أ.م.ز): «أنا تعرضت لصدمة عند وقوع ابنتي في مصيدة لمحتويات غير لائقة على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، ومن ثم تعرضت للابتزاز من خلال صورها، ومن ثم تواصلت مع مستشارة أسرية وتعاملت مع الموقف بسرية تامة وتصرفت بكل حكمة مع الموقف، والحمد لله اكتسبت من خلال هذه التجربة المريرة الهدوء واللجوء لأصحاب الاختصاص، وكذلك احتواء ابنتي والحوار معها».

وقال ولي أمر (علاء.م)، إنه اعتاد تخصيص جزء من وقته لأطفاله واللعب معهم، وأثناء تشغيل ابنه للعبة (subway surfers)، فوجئ بأحد المستويات الذي يحوي إشارات إلى (انحرافات سلوكية) منتشرة في كل أرجاء الطريق، وهو الأمر الذي أثار استياءه، مضيفاً: «حاولت ألا أبدي أي انتباه لما رأيته كيلا ألفت نظر ابني لما يحمله من معنى، ولكن ما الدافع وراء تقديم رسالة كهذه لأطفال لا يفهمون ذلك حالياً».

وقالت (منى.أ): «حينما نواجه إعلانات وأبنائي معي تدعو إلى محتوى غير مناسب لهم، دورنا أن نوضّح ونشرح للأطفال عاداتنا وتقاليدنا وتعاليم ديننا الذي يحرم التشبه بالجنس الآخر، وهذا الأمر اتبعته مع أبنائي الكبار وهم صغار، والحمد لله بعدما كبروا فهموا ما يخالف ديننا، والحين دوري مستمر مع إخوانهم الصغار».

وأبدت ولية أمر (أميرة.س) انزعاجها من انتشار ألعاب عنف مقدمة على متجر ألعاب إلكترونية، مشيرة إلى أن ابنها في الرابعة من عمره، واعتاد تنزيل ألعاب على هاتفها بشكل عشوائي، وفوجئت بتنزيل كم كبير من ألعاب العنف على الهاتف، والمشكلة الأكبر في رغبته المستمرة في تقليد ذلك مع من حوله من أطفال. وأفاد خبير أمن المعلومات، الدكتور إيهاب معوض، بأن المحتويات غير المناسبة تصل إلى الأطفال عبر العديد من القنوات الإلكترونية، على الرغم من أن محركات البحث باتت ذكية، وتستطيع أن تميز ماهية الشخص المستخدم، فإذا كان هناك طفل عمره 10 سنوات ويبحث عن فيلم لرسوم متحركة أو ألعاب، يبدأ محرك البحث في تقديم المحتوى المطلوب، ومن ثم تظهر إعلانات غير مناسبة ضمن هذا المحتوى.

وأضاف لـ«الإمارات اليوم»: «السؤال هو: هل يختار محرك البحث المحتوى المناسب المقدم للأطفال؟»، وتابع: «أعتقد أن هذا الأمر لا يحدث، خصوصاً في ظل اعتراف العديد من دول العالم بأفكار غير لائقة بأنها طبيعية، ولكن في تلك الحالة يرجع الأمر للأبوين اللذين يجب عليهما الانتباه لذلك وتنقية المحتوى بوسائل أخرى».

ولفت إلى أن هناك أجيالاً جديدة من أجهزة إرسال الإنترنت (راوتر) يمكن من خلالها تنقية المحتوى عبر وضع كلمات تعريفية على أي محتوى يمكن الدخول إليه، كما أن هناك برامج تساعد على ذلك، لكن أظن أن هناك مجهوداً إضافياً على الشركات العالمية لتوعية الآباء بكيفية استخدامها بما يكفل للأسر اختيار المحتوى الملائم للثقافة المجتمعية السائدة.

من جانبه، قال المدير التنفيذي لمكتب تنظيم الإعلام في وزارة الثقافة والشباب الدكتور راشد خلفان النعيمي: «تخضع جميع المصنفات الفنية والأدبية المسجلة في نظام المحتوى الإعلامي لمنظومة المتابعة والتقييم الخاص بالمحتوى المتداول، سواء كان فيلماً سينمائياً سيعرض في دور السينما أو لعبة فيديو ستُباع في متاجر التجزئة أو كتاباً سيتم تداوله في المكتبات التجارية في الدولة».

وأشار النعيمي لـ«الإمارات اليوم»، إلى أن جميع الأفلام السينمائية تخضع لنظام خاص بالمتابعة والتقييم قبل عرضها رسمياً، وفق معايير المحتوى الإعلامي ونظام التصنيف العمري، والذي يسهم في إشراك المجتمع بالمسؤولية عن اختيار المحتوى الملائم وفق الفئة العمرية، وكذلك الحال مع بقية أنواع المحتوى المعروض في الأسواق مثل ألعاب الفيديو والكتب والمجلات، فجميعها تم اعتمادها بعد دخولها عبر منافذ الدولة.

وتابع النعيمي أن المكتب يسهم في انضباط القطاع الإعلامي بشكل عام، عبر تكثيف الحملات التفتيشية والتوعوية بشكل دوري للمنشآت الإعلامية، من أجل ضمان التزامها باللوائح والأنظمة المعمول بها في الدولة، حيث بلغت نسبة التزام تلك المؤسسات 92%، وهذا الأمر يعكس مدى نضج تلك المؤسسات وتعاونها وثقتها بتلك الإجراءات المتبعة. فيما قال رئيس لجنة شؤون التعليم والثقافة والشباب والرياضة والإعلام في المجلس الوطني الاتحادي، عدنان حمد الحمادي، إن الأسرة المسؤول الأول عن التنشئة الاجتماعية، وهي البداية لتوعية الطفل بماذا يتابع ويقرأ، والعامل الرئيس في توجيه الطفل ورقابته بشكل غير مباشر حتى لا يشعر بأنه تحت الضغط. وأضاف الحمادي لـ«الإمارات اليوم»: «بعد الأسرة تأتي المدرسة وهي التي توسع مدارك الطفل وتوجهه للبرامج المفيدة التي يذهب إليها»، مشيراً إلى أن «منصة الأمن السيبراني في الدولة عالية ودقيقة وقادرة على التصدي للبرامج الإلكترونية التي تؤثر على الأطفال وتروّج لأفكار غير مناسبة لهم».

وتابع: «لدينا كذلك قطاع يراقب الإعلام يندرج تحت وزارة الثقافة والشباب، لكن يجب أن يكون أكبر من مجرد قطاع في وزارة، فنحن نحتاج لوزارة أو هيئة أو مجلس ذي مرجعية لما يدور في الإعلام، فاليوم لم يعد لدينا إعلام تقليدي، لكنه إعلام موازٍ في أيدي الجميع وهو الإعلام الرقمي، وهنا تتوسع المسؤولية بتوسع القاعدة».

وواصل الحمادي: «آن الأوان لأن يكون لدينا وزارة إعلام أو مؤسسة أو هيئة كبرى بالدولة تختص بالإشراف على مجال الإعلام، بهدف متابعة ورصد وتدقيق المحتوى الذي يُنشر ومن ضمنه وسائل التلقي الإلكترونية، وبالتالي فالمسؤولية لدينا تبدأ بالأسرة ثم المدرسة ثم الأمن السيبراني وأخيراً الجهة المسؤولة».

من جانبه، قال رئيس مجلس الشارقة للتعليم الدكتور سعيد الكعبي، إن أخطر شيء أن تدخل التجارة في حياة الأطفال التي قد تدخل أفكاراً منافية لبيئة تربيتهم، فاليوم يجب أن تحترم الشركات ثقافة ودين البلد، وهناك أعراف على مستوى العالم يجب اتباعها والالتزام بها. وأضاف الكعبي لـ«الإمارات اليوم»، «حينما يرى الطفل شعارات غير ملائمة لسنه تنمو معه فكرة الإلغاء بالتعود، ففي البداية سيرفض ثم يرفض، وأخيراً يتقبلها، وهذا تطرف فكري خطير جداً لا يقل عن التطرف الديني، فهذا أقصى أنواع التطرف قسوة وهو التطرف الأخلاقي».

وتابع: «يجب تشديد الرقابة والعقوبات على مروّجي المحتوى الضار للأطفال سواء من خلال الألعاب أو أفلام الكارتون وغيرها، وأن يتم مخاطبة جهات الاستيراد بأن كل هذه الأفكار مرفوضة جملة وتفصيلاً، بالإضافة إلى أهمية نشر الوعي المجتمعي». وقالت مستشارة نفسية وأسرية هيام أبومشعل، إن المنصات الإلكترونية لعبت في الفترة الأخيرة دوراً كبيراً في توجيه حياة أبنائنا الأطفال والمراهقين، خصوصاً خلال فترة جائحة (كوفيد-19)، إذ إن التكنولوجيا عبر الإنترنت تقدم خدمات ومزايا جيدة لأبنائنا، خصوصاً الأطفال منهم، إذا تم تقديم المحتوى الجيد لهم، لأنها تلعب دوراً كبيراً في تحسين مهارات التواصل والإبداع والتميز.

ونبهت إلى أنه للأسف شهدنا منصات إلكترونية تقدم محتويات ضارة للأطفال، ما يترتب عليه مخاطر كبيرة على صحتهم الجسدية والاستقرار النفسي والخصوصية، ويهدد شعورهم بالأمان ويعرضهم للتنمر الإلكتروني والاستدراج الجنسي والإغواء والاستغلال بشتى الأساليب والطرق، خصوصاً باستخدام المعلومات الشخصية والصور بشكل ضار ومؤذٍ لهم، حيث إنه ينمّي السلوكيات غير المرغوبة ويعزز العدوانية لديهم ويؤثر في القيم والمبادئ وكذلك على ثقتهم بأنفسهم وتقديرهم لذاتهم.

وتابعت: «إن حماية الأطفال مسؤولية مشتركة من الجميع ويتحمل أولياء الأمور المسؤولية الكبيرة في الدرجة الأولى، إذ ينبغي على الأهل توعية الأبناء خصوصاً الأطفال منهم بعدم مشاركة معلوماتهم الشخصية مع أي شخص عبر الإنترنت أو وسائل التواصل الاجتماعي، ولابد من الحرص على عدم تركهم دون رقابة أو متابعة، وعدم السماح لهم بالجلوس لفترات طويلة على الإنترنت ومقابلة الغرباء دون وجود أحد الوالدين معهم»، داعية إلى الحرص على التحقق من محتوى منصات الإنترنت من خلال تدابير معينة للأمان والحماية ومراقبة الأجهزة الإلكترونية التي تكون معهم. بدوره، قال الخبير التربوي، مدير المدرسة الأهلية الخيرية في عجمان، الدكتور ماهر حطاب، إنه في ظل هيمنة التقنيات الإلكترونية الحديثة على الساحة التعليمية، والإقبال المفرط من الطلبة على استخدام الأجهزة الإلكترونية في حياتهم لأغراض تعليمية وأخرى ترفيهية أو اجتماعية، فإنه يترتب على التربويين وأولياء الأمور مسؤوليات كبيرة تجاه أبنائهم بهدف حمايتهم ومنع وقوعهم فريسة للمغرضين من الجهات المختلفة، وتتلخص مسؤولياتهم في مراقبة ومتابعة أبنائهم، في ما يقدم إليهم عبر هذه التقنيات، فليس كل المحتوى مفيداً لأطفال ما قبل سن الـ18.

وذكر أن شبكة الإنترنت مملوءة بالمواد والعروض التجارية والدعايات بعضها يناسب الأطفال والكثير منها لا يناسبهم أبداً، إما بحكم أنه ضار في أصله لأنه يدفع إلى الجريمة أو إلى الرذيلة أو أنه لا يناسب مثل أعمارهم فلا يستطيعون توظيفه في حياتهم باتجاه صحيح، من هنا تأتي مسؤولية المدرسة والبيت في الرقابة والمتابعة كي نحمي أبناءنا من الجهات المغرضة التي تتصيد فريستها من الفئات غير المحصنة، وعلى التربويين والآباء أن ينتبهوا للمحتوى الإلكتروني، وأن يعملوا على تصفيته من كل المواد الضارة وأن يحظروا كل مصادر الدعاية المغرضة وغير الملائمة لمثل أعمارهم.

تشديد الرقابة على محتوى «يوتيوب»

أعلن موقع «يوتيوب» سعيه لزيادة حماية الأطفال الذين يستخدمون الموقع من التعرض لمحتوى غير مناسب، عبر خطة من خمس نقاط لتشديد الرقابة على المحتوى وضمان منع المحتوى غير المناسب، وهي:

■ التطبيق الصارم للقواعد والإرشادات الاجتماعية وتسريع تطبيق هذه القواعد من خلال التكنولوجيا المتاحة.À حذف الإعلانات من الفيديوهات غير المناسبة التي تستهدف الأسر.

■ حجب التعليقات غير المناسبة على الفيديوهات الخاصة بصغار السن.

■ توفير الإرشادات اللازمة لصناع الفيديوهات المناسبة للمشاهدة الأسرية.

■ الاستعانة بالخبراء المتخصصين في هذه المجالات والاستفادة من خبراتهم.

المحتوى غير اللائق

حدّد مجلس جودة الحياة الرقمية المحتوى غير اللائق بأنه «أي نوع من أنواع التواصل أو المحتوى الإلكتروني الذي يُعتبر فاضحاً ومزعجاً وغير مناسب، ومن أمثلته الدعوة إلى إيذاء النفس (مثل اضطرابات الأكل) أو السلوكيات غير الآمنة، والعنف الحقيقي أو محاكاة العنف والصور المزعجة، بما في ذلك الترويج للتصرفات العدوانية، والتطرف / التعصب العنيف، خطاب الكراهية؛ المحتوى المسيء أو غير الملائم أو الفاضح، وأن تُطرح عليك أسئلة غير لائقة أو شخصية من قِبل شخص لا تعرفه، وأن يُطلب منك إرسال صور حميمية أو القيام بأمور على الإنترنت تجعلك تشعر بعدم الارتياح، بالإضافة إلى المحتوى الجنسي الصريح».

تربويون:

المحتوى الضار للأطفال يُسبب مخاطر كبيرة على صحتهم الجسدية والاستقرار النفسي.

خبير أمن معلومات:

محركات البحث الذكية تقدم محتوياتها لمختلف الفئات دون تنقيح.

الأكثر مشاركة