معكرونة فاسدة تقود متسوقاً إلى المحاكمة

اكتشف متسوق في أحد محال السوبرماركت وجود منتجات معكرونة فاسدة، وبها حشرات، فما كان منه إلا تصويرها، ونشر مقاطع الفيديو على أحد برامج التواصل الاجتماعي، بهدف التحذير والتوعية، إلا أنه لم يدرك أنه ستتم إحالته إلى المحاكمة بتهمة الاعتداء على خصوصية الغير.


وقضت محكمة أول درجة ببراءته، ثم دانته محكمة الاستئناف وعاقبته بالغرامة المالية، لتحسم المحكمة الاتحادية العليا القضية، وتقرر براءته، مؤكدة عدم توافر أركان جريمة الاعتداء على خصوصية الغير.

وفي التفاصيل، أحالت النيابة العامة متهماً إلى المحاكمة الجزائية، بتهمة الاعتداء على خصوصية (هايبر ماركت)، بأن قام بتصوير مرئي وصوتي من هاتفه لمنتج معكرونة وبها عيب، وقام بنشر تلك المقاطع المرئية والصوتية باستخدام شبكة معلوماتية (واتس أب) إلى الغير، مطالبة بمعاقبته طبقاً لمواد المرسوم بقانون رقم 5 لسنة 2012 في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات.


قضت محكمة أول درجة حضورياً ببراءة المتهم مما أسند إليه، ثم قضت محكمة الاستئناف حضورياً وبالإجماع بإلغاء الحكم الأول، وبمعاقبة المتهم بتغريمه مبلغ 3000 درهم، ومصادرة الهاتف المستخدم في الجريمة، عما أسند إليه، وألزمته الرسوم.


لم يرتض المتهم بهذا الحكم، فطعن عليه أمام المحكمة الاتحادية العليا، وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها طالبة رفض الطعن.


وقال دفاع المتهم في طعنه إن «الحكم أخطأ في تطبيق القانون حينما دان موكله عن جريمة التعدي على خصوصية الغير، من دون أن يستظهر مدى توافر أركان هذه الجريمة، ذلك أن الواقعة التي ارتكبها هي تصوير المنتجات الفاسدة المعروضة في المحل، بقصد إبلاغ الجهات الرسمية المعنية بالرقابة على سلامة الأغذية وتوعية الجمهور، وهو حق كفله القانون، كما أن القصد الجنائي وهو سوء النية غير متوافر بحقه».


من جانبها، أيدت المحكمة الاتحادية العليا طعن المتهم، مؤكدة أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه ولئن كان لمحكمة الموضوع السلطة في تقصي ثبوت الجرائم والوقوف على علاقة المتهم ومدى اتصاله بها، إلا أن ذلك مشروط بأن يركن إلى الصورة الصحيحة، ويستظهر الحقيقة بجميع عناصرها المطروحة عليها، كما أن على المحكمة أن تتقصى مدى ثبوت أركان الجريمة، ومنها القصد الجنائي، وأن تقيم الدليل على توافره بحق المتهم.
وأشارت إلى أنه من المقرر قانوناً، وعلى ما جرى به نص المادة 21/ 2 ـ 3، 41 من المرسوم بقانون رقم 5 لسنة 2012 في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، على أنه «يعاقب كل من استخدم شبكة معلومات أو نظام معلومات إلكترونياً أو إحدى وسائل تقنية المعلومات في الاعتداء على خصوصية شخص في غير الأحوال المصرح بها قانوناً».


وأشارت أيضاً إلى نص المادة 54 من قانون العقوبات التي قد جرى نصها «لا جريمة إذا وقع الفعل قياماً بواجب تأمر به الشريعة الإسلامية أو القانون إذا كان من وقع منه الفعل مخولاً بذلك قانوناً»، بما مؤداه أن المشرع قد اشترط لقيام جريمة الاعتداء على خصوصية الأشخاص أن يكون مستخدم الشبكة المعلوماتية سيء النية، قاصداً فيما ينشره الإضرار بسمعة الغير، أما إن كان معتقداً فيما ينشره أنه يؤدي واجباً تفتضيه الشريعة الإسلامية، كدرء مفسدة أو سد الذريعة محدقة بنفس الغير أو ماله، أو معتقداً القيام بواجب قانوني، كالإبلاغ عن جريمة أو إثبات حالة يخشى زوالها كمساعدة السلطات الرسمية على أداء مهامها، فإن سوء النية يضحى منتفياً بحقه، ومن ثم ينتفي القصد الجنائي في جريمة الاعتداء على الخصوصية الواردة في نص المادة 21 سالفة الذكر.


وذكرت أن الواقعة المنسوبة إلى المتهم هي الاعتداء على خصوصية محل سوبر ماركت لتصويره مقاطع فيديو لمنتجات غذائية بها حشرات، وإرسالها إلى الجهات الرسمية لاتخاذ شؤونها بشأن ضبط هذه المنتجات، وتحذير الجمهور من تلك المنتجات، معتقدا ًبذلك قيامه بواجب شرعي وقانوني، فإن إبلاغ الجهات الرسمية لا يعد تعدياً على خصوصية الأشخاص، الأمر الذي ينتفي فيه أحد أركان جريمة الاعتداء على الخصوصية المنسوبة إلى المتهم، وإذ خالف الحكم هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون مما يوجب نقضه.

 

تويتر