محمد بن زايد: الشهداء قناديل نور في تاريخ هذا الوطن ومصدر إلهام للأجيال

أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة إن يوم الشهيد مناسبة وطنية عزيزة على قلوبنا، نتذكر فيها تضحيات نخبة من أعز وأوفى وأنبل أبناء دولة الإمارات العربية المتحدة، جادوا بأرواحهم الطاهرة ودمائهم الزكية في أشرف المعارك من أجل رفعة هذا الوطن المعطاء، والدفاع عن أمنه ومصالحه.

وقال سموه نتذكر في هذا اليوم عطاء هذه الكوكبة من شهداء دولة الإمارات العربية المتحدة الأبرار، الذين وهبوا حياتهم من أجل أن يبقى هذا الوطن شامخاً عزيزاً، ومن أجل أن ينعم أبناؤه وكل من يقيم على أرضه الطيبة بالرفاهية والأمن والطمأنينة.

وفيما يلي نص كلمة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان التي وجهها عبر مجلة درع الوطن بمناسبة يوم الشهيد..

أثبتت مسيرة التاريخ أن منَعة الأمم وتطورها ونهضتها ظلت على الدوام رهناً بتحلِّي أبنائها بقيم التضحية والعزيمة والفداء، المقرونة بانتمائهم وحبهم لأوطانهم ومجتمعاتهم، فالشعوب التي تقدم التضحيات في سبيل عزها وكرامتها، والتزاماً بمسؤولياتها الإنسانية والأخلاقية، هي الشعوب الحية والقوية والقادرة على صيانة مكتسباتها، والدفاع عن سيادتها، والمضي بقوة وثقة على طريق التقدم والتنمية، في ظل عالم مملوء بالتحديات والمخاطر، وهذا ما جسده شهداؤنا الأبرار بدمائهم، وأبناء قواتنا المسلحة بتضحياتهم وبطولاتهم في كل الميادين التي عملوا فيها، والمهام التي قاموا بها، وعبَّروا من خلالها عن قيم الشعب الإماراتي الأصيلة والنبيلة.
 
إن "يوم الشهيد" هو مناسبة وطنية عزيزة على قلوبنا، نتذكر فيها تضحيات نخبة من أعز وأوفى وأنبل أبناء دولة الإمارات العربية المتحدة، جادوا بأرواحهم الطاهرة ودمائهم الزكية في أشرف المعارك من أجل رفعة هذا الوطن المعطاء، والدفاع عن أمنه ومصالحه، نتذكر في هذا اليوم عطاء هذه الكوكبة من شهداء دولة الإمارات العربية المتحدة الأبرار، الذين وهبوا حياتهم من أجل أن يبقى هذا الوطن شامخاً عزيزاً، ومن أجل أن ينعم أبناؤه وكل من يقيم على أرضه الطيبة بالرفاهية والأمن والطمأنينة.

في هذه المناسبة الوطنية المجيدة، نوجه تحية إجلال وإكبار إلى أرواح شهدائنا الأبرار، الذين سيظلون أبد الدهر مشاعل تضيء لنا طريق العز والفخر نحو المستقبل المشرق والآمن والمزدهر الذي ننشده ونعمل من أجل تحقيقه لأبناء هذا الوطن، الذين يستحقون كل خير وتضحية وجهد لإسعادهم وتحقيق طموحاتهم في الرخاء والازدهار.

كما أتوجه بالتحية والتقدير إلى قواتنا المسلحة الباسلة، رمز العزة والمنَعة والفداء، ومصنع الرجال الأقوياء الأوفياء؛ ففي هذه المؤسسة الوطنية تربى هؤلاء الشهداء، وتشربوا القيم الإماراتية الأصيلة، وتعلموا معنى الانتماء إلى الوطن، والتضحية من أجله. وأحيي أبنائي الرابضين في مواقعهم باليمن الشقيق دفاعاً عن حق الشعب اليمني في الاستقرار والتنمية، بعيداً عن المشروعات الطائفية والدينية المشبوهة، وأقول لهم: إن دولة الإمارات العربية المتحدة كلها معكم، تفخر بكم، وتعتز ببطولاتكم، لأنكم تؤدون مهمة وطنية وقومية وأخلاقية سامية، تصونون من خلالها مصالح الوطن، وتذودون عن الأمن القومي العربي ضد القوى الباغية التي لا تريد لمنطقتنا أو شعوبنا الخير أو التنمية أو السلام.

وأخص بالتحية والتقدير أمهات الشهداء وآباءهم وذويهم، الذين ضربوا المثل والقدوة في التضحية والعطاء بلا حدود، ونستمد من إخلاصهم ووطنيتهم المزيد من القوة والعزم على مواصلة المسيرة، ونشد على أيديهم، ونقول لهم إن شعب دولة الإمارات العربية المتحدة يفخر بكم وبتضحياتكم، ولكم أن تفخروا بما قدمه أبناؤكم؛ فهم قناديل نور في تاريخ هذا الوطن، ورمز للوطنية الصادقة، ومصدر إلهام للأجيال بعد الأجيال، وهم لم يصلوا إلى هذه المكانة الرفيعة في قلوب ووجدان أبناء هذا الوطن إلا بفضل القيم العظيمة التي تشربوها على أيديكم، فهم حصاد زرعكم الطيب، الذي لن ننسى أبداً فضله على هذا الوطن وأبنائه.

ولا يفوتني في هذا اليوم، الذي نحيي فيه ذكرى شهدائنا الأبرار، أن نتذكر أيضاً بكل الاعتزاز والفخر والتقدير شهداء دول التحالف العربي، الذين اختلطت دماؤهم بدماء إخوانهم الإماراتيين في ميادين العز والحق والواجب على أرض اليمن الشقيق، ونترحم عليهم، ونحيي أهلهم وذويهم، ونؤكد لهم أن تضحيات أبنائهم لن تضيع سدى.

في هذا اليوم نتذكر أن دولة الإمارات العربية المتحدة تستحق منا الكثير؛ لأنها أعطت ولا تزال تعطي بلا حدود، وأن رد الجميل للوطن يكون بالعمل والجهد والتفاني من أجل أن يحظى بمكانه الذي يستحقه بين الأمم، وأن الوفاء الحقيقي لذكرى شهدائنا العظام يكون بتخليد ذكراهم والسير على طريقهم، واستلهام قيمهم في رفع راية الإمارات عالية خفَّاقة في كل المجالات.

يجسَّد شهداء الوطن الأبرار قيم التضحية والعطاء نفسها، التي آمن بها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيب الله ثراه"، الذي نحتفي هذا العام بمرور مئة عام على ميلاده، وعمل على زرعها في أبناء دولة الإمارات العربية المتحدة ضمن رؤيته الحكيمة لبناء الإنسان الإماراتي بصفته الثروة الحقيقية لهذا الوطن، والمحرك الأهم لمسيرته نحو التنمية والازدهار، وهي الرؤية التي تتبناها القيادة الإماراتية الرشيدة بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، ونراها تتجسد على أرض الواقع.

إن تضحيات شهدائنا الأبرار وأبناء قواتنا المسلحة الباسلة ستظل تشكل المعين الذي نستلهم منه العزيمة الصلبة والإرادة القوية التي لا تلين لمواجهة كل ما قد يعترض سبيل تقدمنا، أو يحول دون تحقيق الآمال والطموحات الكبيرة التي نحملها لهذا الوطن وأبنائه، ولِمَ لا، وقد أثبت أبناء الإمارات أن رهان القيادة الرشيدة عليهم كان دائماً في محله، وأنهم لم يخوضوا أي تحدٍّ إلا واجتازوه بتفوق وجدارة، مثلما كان دأبهم دائماً على مر التاريخ، كما أن هذه التضحيات والبطولات، التي سطرها شهداؤنا وأبناء قواتنا المسلحة في ميادين العز والشرف، تزيد ثقتنا بالمستقبل المشرق الذي نتمناه ونخطط له؛ فالوطن الذي يتمتع أبناؤه بهذه الروح البطولية، ويؤمنون بتلك القيم العربية الأصيلة التي تربوا ونشؤوا عليها، لا يمكن أبداً أن نخشى على مستقبله وأمنه ونهضته.

إن دولة الإمارات العربية المتحدة كانت دائماً وأبداً دولة داعية إلى التسامح والسلام والتعايش بين البشر بصرف النظر عن اعتبارات اللون أو العرق أو الدين، كما أنها دائماً ما تنشد تحقيقَ السلام والاستقرار بصفته الشرط الأساسي الذي يمكن للأمم والشعوب من خلاله أن تحقق نهضتها ورفاهيتها، لكنها في الوقت نفسه حريصة كل الحرص على تطوير قدراتها الشاملة، وبناء قواتها المسلحة وفق أحدث الأساليب والنظم العالمية، على مستويات التدريب والتسليح والتأهيل، ليس لشيء إلا لحماية السلام والاستقرار اللذين تنشدهما لنفسها ولأشقائها والمنطقة والعالم، انطلاقاً من قناعة دائمة بأن السلام يحتاج إلى قوة تحميه وتحافظ عليه. ويجسَّد أبناء قواتنا المسلحة البواسل هذه القناعة قولاً وفعلاً، فهم اليد التي تبني وتحفظ الأمن والاستقرار، وهم كذلك اليد التي تتصدى بكل حزم وقوة لكل من تسول له نفسه أن يعتدي على أمن هذا الوطن أو أمن أشقائه.

في كل يوم يتأكد لنا صواب الموقف التاريخي الذي اتخذته دولة الإمارات العربية المتحدة بالانخراط في التحالف العربي لاستعادة الشرعية في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية الشقيقة، حيث أجهض هذا التحرك الشجاع مخططات ومشروعات خطيرة كانت تهدف إلى السيطرة على المنطقة والتحكم فيها من منطلقات طائفية ومذهبية مقيتة تشيع الاحتقان والتوتر والصراع على الساحة العربية، وتضرب الأمن القومي العربي في الصميم، وتهدد مصالح العالم وأمنه في أهم الممرات الملاحية الدولية.

أخيراً فإنه ليس هناك ما يمكن أن يوفِّي الشهداء حقهم؛ لأن كل شيء يتضاءل أمام ما قدموه. لقد قدموا أرواحهم فداء لأوطانهم، وهل هناك تضحية أكبر من التضحية بالروح؟ ولكن حسبنا أنهم أحياء عند ربهم يرزقون، وسيظلون أحياء في عقول وقلوب أبناء الإمارات أبد الدهر. سيظل يوم الشهيد رمزاً للأصالة والوفاء، وستظل دولة الإمارات العربية المتحدة قوية بأبنائها البررة الذين يضربون على الدوام أروع الأمثلة في التضحية والفداء.

الأكثر مشاركة