تربويون وأولياء أمور عزوها إلى طول العام وضغط المناهج و«دلال الأهل»

تمزيق الكتب وإتلاف أدوات مدرسية.. سلوكيات تحتاج إلى علاج

صورة

أكد اختصاصيون أن ما يقوم به طلبة من «سلوكيات تدميرية» بعد امتحانات نهاية العام، مثل تمزيق الكتب الدراسية، وإتلاف أدوات مدرسية، أمر يحتاج إلى علاج، عازين السبب إلى طول العام الدراسي، وضغوط المناهج، إضافة إلى تدليل الأهل الزائد للأبناء.

معلم:

«إجبار الطلبة على

الدوام المدرسي

خلال شهر رمضان

وراء واقعة إتلاف

الأثاث المدرسي».

أولياء طلبة:

«تدليل الأبناء الزائد

على الحدّ يحوّلهم

إلى مهملين

وغير مبالين».

أخصائي نفسي:

«لا مسؤولية

على الطالب

بتمزيق كتبه، لأنها

ملكية شخصية له».


خبيرة تربوية تؤكد أهمية خلق بيئة مدرسية جاذبة، تشجع الطالب على حب المدرسة.


عدم شعور الطالب بقيمة المدرسة وأثاثها

قال الاختصاصي النفسي والعلاقات الأسرية، الدكتور نادر ياغي، إن ما قام به طلبة من إتلاف أثاث مدرسة لا يمثل فيه الكبت سوى 10% على أقصى تقدير، خصوصاً أن المدرسة توفر لهم وسائل متعددة للترفيه، لافتاً إلى أن السبب الرئيس هو عدم شعور الطالب في الوقت الراهن بقيمة المدرسة وأثاثها، ولاسيما قيمة المعلم، ولذلك فهو يستهين بكل هذه العناصر في الميدان التربوي، نتيجة التربية وانتشار التكنولوجيا التي أصبحت في متناول الأطفال منذ نعومة أظافرهم.

وأضاف: «يجب أن نتساءل عن مدى أهمية هذه التكنولوجيا في أيدي الأطفال، وما إذا كانت مجرد تسلية، أم أنها تساعد وتخدم عملية التربية والتعليم»، موضحاً أن الأمرين متساويان بنسبة 50% لكل منهما، ولكن إذا لم يتم استخدام الأجهزة الإلكترونية بطريقة آمنة، وبتقنين وقت استخدامها، فستتحول هذه الأجهزة إلى قاتلة للنشء.

وأشاروا إلى أن ما قام به طلاب من إتلاف أثاث مدرستهم، وتصويره بالفيديو، يتنافى مع عادات وأخلاقيات المجتمع، لافتين إلى أن هذا الفعل لا يعتبر ظاهرة، وعلى الرغم من أنه مجرد حالة فردية، إلا أنه يحتاج إلى خطط علاجية تمنع تفاقم هذا الفعل، وتحوله إلى ظاهرة مقلقة في الميدان التربوي.

في المقابل، أفاد مصدر مسؤول في وزارة التربية والتعليم، بأن الوزارة تحقق في واقعة إتلاف أثاث مدرسة، وستتم معاقبة الطلبة بحرمانهم درجات السلوك، حسب لائحة السلوك.

ويرى المعلم خالد أحمد، أن ما قام به هؤلاء الطلاب ردة فعل ناتجة عن كثرة القرارات، وتعدد الموضوعات الخاصة بالمناهج، وضغط الاختبارات، إضافة إلى إجبار الطلبة على الدوام خلال شهر رمضان.

وأكد أن هذا الفعل ليس ظاهرة في مدارس الدولة، ولكنه قابل لأن يكون كذلك، إذا لم توضع له وسائل علاج، لافتاً إلى أن «البيئة المدرسية أصبحت غير جاذبة، بما تشهده من زيادة مدة اليوم الدراسي، وطول المناهج، وعدم مراعاة ارتفاع درجات الحرارة، وضغط الاختبارات».

وقالت المعلمة نيفين الهواري: «قبل أن نلقي بالخطأ على الطالب والمدرسة، يجب أن نلقي نظرة على أسلوب وطبيعة التربية في المنزل، وهل قام الأهل بترسيخ المبادئ السليمة لدى هؤلاء الأطفال». وأضافت: «أنا أعمل معلمة منذ 22 عاماً، وكنت أرى وأسمع ذوي الطلبة يدعمون أبناءهم بعد القيام بالاستهزاء بالمدرسين، والتقليل من قدر أحدهم، بدلاً من تعليمهم الاعتراف بالخطأ، ونجد ذلك في عادات تمزيق الكتب بعد الانتهاء من الامتحانات».

من جانبها، قالت هالة عبدالحفيظ، ولية أمر، إن الطلبة المشاغبين في المدارس نوعان، أحدهما يشعر بأن ما يقوم به من تخريب في صفه أو مدرسته، عمل بطولي وشجاع، أما الفريق الثاني فهو مجموعة من الطلبة لديهم مشكلات مع مدارسهم، وعندما يرتكبون أعمالاً تخريبية، فإنهم يرتكبونها بغضب شديد، وليس بابتهاج، مؤكدةً أن هذين النوعين يعتبران من الحالات الفردية في الميدان التربوي، ولا يعدان ظاهرة تدعو للقلق.

فيما أبدت سلمى حسام، ولية أمر، دهشتها من حدوث واقعة الطلاب الذين أتلفوا أثاث صفهم، في مدرسة بالإمارات، وألقت بالمسؤولية على إدارة المدرسة والمسؤولين والمشرفين فيها.

وأضافت: «من الضروري التعرف إلى الأسباب التي دفعت هؤلاء الطلاب لارتكاب ما قاموا به، حتى يتم علاجها، ومنع تكرارها، مؤكدة أن هذا الفعل غريب على المجتمع الإماراتي، كما أنه لا يرتقي إلى أن نصفه بظاهرة».

وعزت مثل هذه الأفعال المشينة إلى سوء التربية والأخلاق غير الحسنة التي يتحلى بها الطلبة، مشيرةً إلى أن الطلبة يتعاملون في البيت على أن الدراسة غمّ ونكد، وليست أمراً مفيداً وضرورياً لبناء الشخصية. وأضافت أن بعض الطلبة يتعاملون مع المعلمين والإداريين في المدرسة بمنطق «بفلوسي آخذ دروس»، مؤكدةً أن التدليل الزائد على الحد للأبناء يحولهم إلى مهملين.

وأكد خلفان محمد، ولي أمر طالبة في الصف الثاني عشر، أن السبب في ما يرتكبه بعض الطلبة في مدارسهم، انعكاس للتربية في البيت، إذ إن الأسرة هي المحطة الأولى لتهذيب سلوك النشء، وتدريبهم على احترام الآخرين والممتلكات العامة، مضيفاً: «ما نراه في السوق أو الجمعيات من تجاوزات بعض الأطفال، وما نسمعه من صريخهم وعنادهم، إنما هو نتاج ما عودهم أهلهم عليه، وتدليلهم لهم، وتلبية متطلباتهم من دون تقنين وبلا مبالاة».

ومن جهتها، أكدت الخبيرة التربوية فدوى حطاب، أهمية خلق بيئة مدرسية جاذبة، تشجع الطالب على حب المدرسة، من خلال تشكيل مجالس طلابية لتنفيذ أنشطة إيجابية تساعد على تدعيم السلوكيات الإيجابية المرغوب فيها، ومن خلال هذه المجالس يشعر الطالب بأهميته في إشراكه في اتخاذ القرارات وغيرها، فينعكس لديه شعور المواطنة والانتماء والولاء.

ولفتت إلى أن هناك سلوكيات فردية بين الطلبة، بحاجة إلى الوقوف عليها، واتخاذ الإجراءات فيها حسب لائحة السلوك الطلابي، معتبرة أن انتشار مثل هذه المقاطع المصورة يسيء إلى الطالب نفسه.

من جانبه، قال أستاذ علم الاجتماع التطبيقي في جامعة الشارقة، الدكتور أحمد العموش، إن ما شاهده في فيديو «تخريب الممتلكات المدرسية» يعد من الناحية العلمية «عنفاً موجهاً»، عازياً ذلك إلى غياب الإدارة المدرسية والمتابعة الأسرية للأبناء. وحذر من إحضار الطلبة الهواتف المتحركة داخل المدارس، وتوعيتهم بأهمية عدم استخدام مواقع التواصل الاجتماعي في إظهار أي سلبيات تخص مدرستهم أو مجتمعهم بشكل عام.

وأكد أن الجيل الجديد يحمل بيده أحدث الأجهزة الإلكترونية، ويتعامل معها باحترافية تفوق الآباء والأمهات، ولكنه لا يعرف مدى خطورتها وتأثيرها فيه، وهنا تلعب حملات التوعية دوراً كبيراً في توجيه الطلبة، مشيراً إلى أهمية تركيب كاميرات داخل المدارس، للحدّ من ظاهرة العنف بين الطلاب.

أما بخصوص اعتبار أن هذه الأفعال قد تكون نتيجة ملل الطالب من المدرسة، فاعتبر أن هذه الأمر ليس مقياساً، خصوصاً أن جميع المدارس توفر في هذا العمر العديد من الأنشطة للطلبة، ولفت إلى أنه يجب على المرشدين في المدرسة الالتزام بإجراء الأبحاث والتقارير ورفعها دورياً إلى الإدارة المدرسية، للتمكّن من الإحاطة بأي مشكلة في وقت مبكر، بالإضافة إلى المتابعة الدائمة لأولياء الأمور.

من جانبها، وصفت وزارة التربية والتعليم ما صدر من طلاب «فيديو إتلاف أثاث المدرسة» بالفعل غير اللائق، وغير المقبول، معتبرة أنها تصرفات دخيلة على المجتمع المدرسي. وأفاد مصدر مسؤول في الوزارة بأنها تحقق في الواقعة، وستعاقب الطلبة بحرمانهم درجات السلوك.

وكانت الوزارة أكدت أنه سيتم اتخاذ إجراءات رادعة طبقاً للائحة سلوك المتعلمين بحق الطلبة المعنيين، ومنها إلزام أولياء اﻷمور بدفع نفقات اﻹصلاح وفقاً لبنود اللائحة، داعية إلى مراعاة حسّ المسؤولية، والتحلي بالانضباط والالتزام، والمحافظة على مرافق الحرم المدرسي التي هي ملك للجميع.

وحول ظاهرة تمزيق الكتب المدرسية فور الانتهاء من امتحانات نهاية العام، أكد الاختصاصي النفسي والعلاقات الأسرية، الدكتور نادر ياغي، أن من يقومون بها هم الطلبة في السنوات الأولى من التعليم، حتى سن الـ11، وتصل نسبة الطلبة الذين يرتكبون هذا الخطأ إلى أكثر من 80%، لافتاً إلى أن هذه الظاهرة تكاد تنعدم عند الطلبة الذين يبلغون الـ14 فما فوق، لأنهم يصبحون في مثل هذه السن أكثر إدراكاً ووعياً بأهمية الكتب.

ولفت إلى أنه بالقياس المنطقي فلا مسؤولية تلقى على الطالب إذا قام بتقطيع كتبه فور الانتهاء من الامتحانات، لأن هذه الكتب تعد ملكية شخصية له، فيما تقع عليه المسؤولية إذا أتلف أثاثاً في المدرسة أو غيرها، مشيراً إلى أن بعض الدول تجبر المدارس الحكومية فيها طلبتها على تسليم كتبهم مرة أخرى لها بعد الانتهاء من الامتحانات.

تويتر