«الخدمة الوطنية» تواجه تحديات حداثة التجربة بحلول حاسمة
قال مشاركون من هيئة الخدمة الوطنية والاحتياطية، ومسؤولون وآباء، في ندوة رمضانية بمجلس نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي، الفريق ضاحي خلفان تميم، إن هناك عدداً من التحديات تواجه مشروع الخدمة الوطنية، منها حداثة التجربة، وتعارض الأهداف الوطنية مع برامج وأهداف أخرى، وتخوف الآباء من تأثير الخدمة في مستقبل أبنائهم التعليمي، في ظل التحاقهم بها بعد الثانوية العامة.
وأكدوا أن الهيئة الوطنية وضعت حلولاً حاسمة لجميع التحديات التي تتوقع أن تواجه تطبيق الخدمة الوطنية، بما يحافظ على مستقبل الأبناء ويعزز فيهم قيم الولاء والانتماء إلى وطنهم في سن مبكرة، ويضمن تخريج أجيال قادرة على الدفاع عن وطنها في حالة وقوع أي مشكلات.
| تجربة
قال نائب رئيس الشرطة والأمن العام، الفريق ضاحي خلفان تميم، إن من الطبيعي أن تسفر التجربة عن بعض الأمور التي يمكن تفاديها لاحقاً، مشيراً إلى عدم وجود مبرر للتخوف من تأثير الخدمة على الطالب، لكن في المقابل يمكن مراعاة متطلبات الدراسية بإضافة بعض المواد التي ربما يدرسها لاحقاً في الجامعة وتخفف عنه. وأضاف أن طالب الطب يدرس عادة سبع سنوات، لذا يمكن اعتبار أن الطالب العادي يدرس خمس سنوات، إذا أضيفت فترة الخدمة الوطنية إليه، مؤكداً ضرورة أن يدرب شباب الوطن تدريباً عسكرياً بحيث يكون كل فرد قادراً على حمل السلاح والذود عن الوطن في حالة وجود أزمة، لا قدر الله، بحيث يكون لدينا قوة احتياطية تعطي في كل المجالات الخدمية، مشيراً إلى أن سويسرا، بلد الرفاهية، لو تم استدعاء شعبها، رجاله ونساؤه، في أي وقت فإنه يتحول إلى جيش يدعم الجيش الأصلي السويسري. |
واقترح الفريق ضاحي خلفان تميم أن يكون هناك مساق دراسي خلال فترة الخدمة الوطنية يسهم في تأهيل الطلبة إلى المرحلة الجامعية، لافتاً إلى أن هذا من شأنه تخفيف مخاوف الآباء من عدم قدرة أبنائهم على استكمال الدراسة مجدداً في ظل عدم اكتمال نضجهم في سن 17 عاماً.
وتفصيلاً، قال المحاضر في كلية الدفاع الوطني وكلية القيادة والأركان، الدكتور سلطان النعيمي، إن هناك منجزات حضارية مهمة انفردت بها دولة الإمارات، إذ احتلت المركز الأول عربياً في مؤشر السعادة، والأولى عربياً في احترام المرأة والتحصيل العلمي لها، والأولى في تطلعات الشباب العربي، متقدمة على دول مثل أميركا وبريطانيا، مؤكداً أن الخدمة الوطنية من شأنها حماية هذه المنجزات وإعداد جيل واعد ومجتمع مترابط متمسك بموروثه الثقافي وعاداته وتقاليده، وملتزم بأوامر قيادته.
وأضاف أن الهيئة تدرك جيداً أن الحديث عن الخدمة الوطنية بات محط اهتمام الرأي العام الإماراتي، وحديث المجالس والأسر، لذا تحرص على توضيح الصورة، لافتاً إلى أن المجتمع الإماراتي معروف بوطنيته الشديدة، لكن هناك حاجة إلى نقل هذه الوطنية من المفهوم النظري إلى التطبيق، وهذا يتحقق في الخدمة الوطنية. وأوضح أن كثيرين لديهم لبس حول مفهوم الولاء والانتماء، الذي إما أن يكون صورياً من خلال ترديد الشعارات فقط، أو حقيقياً من خلال القيام بواجبات أخلاقية وقانونية، وتقديم المصلحة العامة على الخاصة، ومقاومة المعتدين، مؤكداً ثقته بأن أبناء الشعب الإماراتي لديهم رغبة خالصة في الالتحاق بالخدمة الوطنية.
وأشار إلى أن هناك أبعاداً مختلفة للخدمة الوطنية، منها البعد الوطني الذي يعزز مفهوم المواطن الصالح، والبعد الاجتماعي الذي تترسخ من خلاله وحدة المجتمع، وتعمق الهوية الفريدة للإماراتيين، التي يتميزون بها عن بقية الشعوب، وهي «هوية زايد»، وكذلك أبعاد اقتصادية وأمنية، لافتاً إلى أن الدولة تعتز بانتماء المواطن إلى أسرته وقبيلته، لكن الانتماء إلى الوطن هو المصلحة العليا التي يجب أن تتحقق.
وأكد النعيمي أن الخدمة الوطنية تهدف إلى زيادة التآلف بين أفراد المجتمع، وتنمية روح الفريق الواحد، وتنمية شخصية المنتسب وإكسابه معارف ومهارات متميزة، وتقليل نسب السلوكيات السلبية بين أفراد المجتمع من هذه الفئة، عن طريق اكتساب العديد من السلوكيات العسكرية الإيجابية الرامية إلى حماية حدود الوطن وسيادته، والإسهام في التنمية المستدامة، ورفع مستوى اللياقة البدنية وانعكاسها على المستوى الصحي، ما ينعكس إيجاباً على صحة مجتمع دولة الإمارات.
إلى ذلك قال مدير التنسيق والعلاقات العامة في هيئة الخدمة الوطنية والاحتياطية، العميد الركن محمد عبدالله الملا، إن الخدمة الوطنية ليست جديدة العهد، سواء في الدول العربية أو الأوروبية، فقد تناولتها معظم قوانين دول العالم، وأقدمها صدر في مصر، ومفهوم الخدمة الوطنية موجود في الدولة منذ قيام الاتحاد، وتتضمنه المادة (43) من الدستور، التي تنص على أن «الدفاع عن الاتحاد فرض مقدس على كل مواطن، وأداء الخدمة العسكرية شرف للمواطنين ينظمه القانون»، لافتاً إلى أن مفهوم الخدمة ليس جديداً لكن لاعتبارات عُليا ارتأت الدولة أن يتم تنظيمها، فصدر القانون الاتحادي رقم (6) لسنة 2014 بشأن الخدمة الوطنية والاحتياطية.
وأضاف أن الدولة قامت، قبل إصدار قانون الخدمة الوطنية، بدراسات عديدة اطلعت من خلالها على تجارب الدول المطبقة للخدمة، للخروج بنموذج يتناسب والأهداف التي تسعى إلى تحقيقها، ويتواءم مع المجتمع الإماراتي، فقام فريق متخصص بزيارة دول عدة للخروج بأفضل الممارسات العالمية في هذا المجال، فقد تمت زيارة سنغافورة وفنلندا وكوريا الجنوبية وسويسرا، بالإضافة إلى مدة الخدمة الوطنية، وشروطها ودورتها الزمنية، كما تم التطرق إلى الرسائل التي يسعى مشروع الخدمة الوطنية لترسيخها.
وأكد الملا أن الهيئة تدرك جيداً أن هناك تحديات ستواجه مشروع الخدمة الوطنية في البداية، منها حداثة التجربة، وواجهت الهيئة هذا التحدي بتبني أفضل الممارسات العالمية، ومنها كذلك تعارض الأهداف الوطنية مع أهداف مؤسسات أخرى وواجهت ذلك بالتنسيق التام مع كل الدوائر.
وأشار إلى أن من أبرز التحديات تخوف الآباء من تأثير الخدمة على مستقبل أبنائهم التعليمي، مشيراً إلى أن من الضروري أن يطمئن الجميع ويدركوا أن الوطن حريص على الأبناء من خلال القانون الذي يستثني الحاصلين على نسبة تزيد على 90%، ويمكن أن تقل النسبة حسب العدد الذي سيتم استيعابه خلال الدورة الأولى من الخدمة الوطنية، التي يمكنها أن تستوعب من 5000 إلى 7000 مجند.
إلى ذلك، قال نائب مدير القضاء العسكري ومساعد المدعي العام العسكري، العقيد ركن حقوقي ماجد سلطان بن سليمان، إنه سيتم إبلاغ كل من تنطبق عليهم شروط الخدمة الوطنية لتحديد موقفهم من التجنيد طبقاً لأحكام القانون ووفقاً للضوابط والإجراءات المعمول بها وآلية تطبيقها، لافتاً إلى أنه لن يتم السماح لمن تنطبق عليه الشروط بالسفر ما لم يراجع الهيئة في الوقت المحدد ويحدد موقفه.
وأضاف أن هيئة الخدمة الوطنية والاحتياطية ستضع، بالتنسيق مع الوحدات المعنية في القوات المسلحة، برنامجاً سنوياً تحدد فيه مواعيد فحص المجندين الذين بلغوا سن التجنيد، أو من تقرر تجنيدهم.