«البدانـة» تحـرم مواطنـين فرص عـمــــل
أفاد مواطنون ومواطنات باحثون عن عمل بأن معظم جهات العمل داخل الدولة في جميع القطاعات وضعت شروطاً إضافية عند تشغيل الموظفين المواطنين، من بينها اللياقة الصحية والمظهر المناسب، عازين عدم التحاقهم بسوق العمل إلى إصابتهم بالبدانة، سواء لأسباب وراثية أو لأسباب مرضية أخرى.
فيما أكدت مديرة نظام تقييم الأداء والمتابعة في الهيئة الاتحادية للموارد البشرية، ليلى السويدي، أن قانون الموارد البشرية لا يوجد به أي نص يجعل البدانة أو غيرها مما يتعلق بمظهر المواطن شرطاً للتوظيف في الحكومة الاتحادية.
وأضافت أن هناك بعض الاختصاصات التي تكون لها معايير عالمية تطبقها بعض الجهات بحسب الاختصاص والمهام المطلوبة من الموظف في هذا الاختصاص، مؤكدة أن الهيئة جهة مركزية ليس لديها أي توجيهات متعلقة بهذه الشروط.
وتفصيلاً، تلقت «الإمارات اليوم» شكاوى عدة من مواطنين ومواطنات يتضررون فيها من رفض توظيفهم في قطاعات عدة في الدولة، بسبب بدانتهم الناتجة عن عوامل ليس لهم ذنب فيها.
وقال المواطن حمد علي، إنه مصاب بالسمنة منذ صغره لأسباب وراثية، واستطاع التفوق في دراسته وتكييف حياته بما يتلاءم مع وضعه الصحي، إلا أنه فوجئ بعد تخرجه بمشكلات حقيقية تحول بينه وبين التحاقه بوظيفة مناسبة بسبب السمنة، وظل نحو ثلاث سنوات يبحث عن وظيفة مناسبة، واقترب من العمل بالفعل في إحدى شركات المطارات داخل الدولة، إلا أن إصابته بالبدانة باعدت بينه وبين تحقيق حلمه بالوظيفة.
وأضاف أنه حاول الدخول في برامج صحية تحت أشراف أطباء لتقليل وزنه، إلا أنه فشل في كل محاولات التخسيس، وفي النهاية التحق بالعمل في إدارة اتصال تابعة لجهة حكومية.
وذكرت المواطنة (أم أميرة) أنها كانت تعمل في أحد البنوك الوطنية، ثم حصلت على إجازة وضع وإجازة رضاعة، وخلال أشهر قليلة زاد وزنها لأسباب مرضية، وفشلت في التعامل مع هذه المشكلة، وهو ما أدى إلى إنهاء خدماتها، على الرغم من أنها كانت تعمل في خدمة العملاء، وكل تقارير الأداء الخاصة بها جيدة وفوق المتوسطة.
ولفتت إلى أنها حاولت الالتحاق بأي وظيفة أخرى في القطاع الخاص أو الحكومي، لكن طلبها كان يرفض بعد إجراء المقابلات الشخصية، وسبب الرفض اللياقة الصحية والمظهر المناسب.
فيما قال أحمد الظاهري (25 عاماً) إن وزنه يبلغ نحو 110 كيلوغرامات، على الرغم من أن طوله 165 سنتيمتراً، وذلك نتيجة خلل أصاب الغدة الدرقية، متابعاً أنه تقدم إلى جميع الوزارات والجهات الحكومية وبعض الجهات الخاصة بحثاً عن وظيفة.
وأشار إلى أنه التحق بثلاث وظائف خلال فترة وجيزة، لكنه لم يستطع الاستمرار بعد أن تم إنهاء خدماته خلال فترة الاختبار، من بينها إحدى الشركات الأمنية الكبرى، متسائلاً «ما ذنبي في زيادة وزني لأسباب مرضية؟».
في المقابل، أكد مدير شركة مقاولات في دبي، محمود علي، أن شركته تضم عدداً من المواطنين الأكفاء في تخصصات إدارية وهندسية عدة، لافتاً إلى أن سياسة التوظيف في الشركة تعتمد على معايير عدة، من أهمها المؤهلات العلمية المناسبة والخبرة، إضافة إلى اللياقة الصحية والمظهر العام باعتباره مقوماً أساسياً يساعد الموظف على أداء عمله على الوجه الأكمل.
وتابع أن الشركة أعلنت عن رغبتها في توطين وظيفة مندوب علاقات حكومية منذ فترة، وتقدم إلى الوظيفة عدد من المواطنين، بينهم من يعاني البدانة بصورة واضحة، وعلى الرغم من امتلاكهم مؤهلات علمية ومهارات شخصية مناسبة، إلا أن الموارد البشرية رفضت الاستعانة بهم، نظراً لحاجة هذه الوظيفة إلى اللياقة وكثرة الحركة.
فيما أفادت مسؤولة موارد بشرية بشركة شبه حكومية متخصصة في تقديم خدمات الإطفاء، فضلت عدم ذكر اسمها، بأن نسبة التوطين في الشركة أكثر من 30٪ حالياً، نظراً لارتباطها بعقود مع جهات حكومية، مشيرة إلى أن الشركة بعد موافقتها على تشغيل الموظفين الجدد تقوم بإلحاقهم ببرامج تدريبية متخصصة تؤهلهم للعمل في الوظائف المطلوب تسكينها.
وأشارت إلى أن أكثر من 20٪ من المواطنين الذين يتقدمون لشغل الوظائف في الشركة يتم رفضهم بسبب اللياقة الصحية أو البدانة المفرطة، مؤكدة أن هناك تجارب عملية مرت بها الشركة، كشفت أن البدناء لا يستطيعون تأدية كثير من المهام الوظيفية، خصوصاً في مجال إطفاء الحرائق.
وذكرت أن شاباً مواطناً نحيفاً التحق بالعمل في الشركة بداية السنة الماضية، وبعد فترة بسيطة أصيب بأعراض مرضية كبيرة وتبين بعد ذلك أنه أجرى عملية ربط معدة قبل أشهر من التحاقه بالوظيفة وكان لهذه العملية آثار سلبية على صحته وأخيراً أضطر إلى تقديم استقالته من الشركة.
وأكّد خبير عمالي مدير شركة نوكري للتوظيف، عماد الدين عمر، أن اللياقة الصحية أصبحت من أهم شروط التوظيف بشكل عام، خصوصاً في مجالات التسويق والهندسة والمجالات العملية كافة، مشيراً إلى أن هناك شركات عدة تضع شروطاً لشغل بعض الوظائف، من بينها متوسط وزن الموظف.
وأضاف أن هناك ربطاً سلبياً لدى مسؤولي الموارد البشرية بين البدانة أو السمنة وأداء الموظف، وهو ما يدفع البعض لاستخدام موظف دون آخر.