بالفيديو.. هبة الحميدان تقود «كتيبة المختبر» في عمليات الاستطلاع والكشف عن «كورونا»
وسط الإجراءات والجهود التي يبذلها القطاع الصحي في الدولة للحد من انتشار فيروس «كورونا» المستجد (كوفيد-19)، يبرز دور المختبر المرجعي للأمراض المعدية في مدينة الشيخ خليفة الطبية، الذي تولى المهمة الأولى لتطوير اختبار داخلي للكشف عن فيروس «كورونا»، ما يعكس جهود دولة الإمارات الاستباقية، ووضعها الفحص التشخيصي على رأس أولوياتها الصحية لضمان توفير القدرات والإمكانات الكفيلة بفحص كل حالات الإصابة المحتملة بفيروس كورونا، وحماية سكان الدولة من الفيروس.
وقالت استشاري علم الأمراض رئيسة مختبرات مدينة الشيخ خليفة الطبية بالإنابة، الدكتورة هبة الحميدان، لـ«الإمارات اليوم» إن «إمارة أبوظبي متمثلة في دائرة الصحة في أبوظبي، وشركة أبوظبي للخدمات الصحية، ومدينة الشيخ خليفة الطبية، استشرفت المستقبل قبل سنوات وأسست مختبراً مرجعياً للأمراض المعدية، وتم تجهيزه على أعلى مستوى علمي، ورفده بكفاءات طبية مميزة، ما ساعدنا في الوقت الحالي على الاستعداد الجيد منذ ظهور (كورونا)، وأتاح لنا وضع خطط الاستعداد قبل ظهور أي حالات إصابة في الإمارات».
وتابعت أن «المختبر المرجعي يشكل أحد الخطوط الأمامية لمواجهة (كورونا)، والعاملين فيه يقدمون جهوداً كبيرة، وهم شركاء في خط الدفاع الأول مع الأطباء والممرضين، إلا أن الأخيرين دورهما واضح للمجتمع، على عكس علماء وأطباء وفنيي المختبر الذين يعملون من خلف الستار، ويواجهون فيروس كورونا بكل قوة بإرادة علمية وتضحية بأوقاتهم وراحتهم وتعرضهم للخطر»، مشيرة إلى أن فريق العمل بالمختبر يضم استشاري أمراض أحياء دقيقة وفيروسات، وعالم أبحاث، بجانب سبعة من الفنيين المتخصصين ومشرف أول مختبرات.
وأضافت أن «فريق العمل في المختبر يُعد داعماً لكل مستشفيات الدولة التي تحتاج لأي نوع من عمليات التشخيص للأمراض المعدية، حيث يضم المختبر أطباء وفنيين وعلماء لديهم خبرة كبيرة في هذا المجال، ويتابع المختبر المستجدات العالمية المتعلقة بالأمراض الوبائية، ومنظمة الصحة العالمية، وأية أمراض معدية تتفشى في أي مكان بالعالم»، متابعة أن «المختبر يعمل بطريقة نشطة واستباقية حتى يستطيع توفير الاختبارات اللازمة في حال انتقال أي مرض وبائي إلى الداخل، وليس (كورونا) فقط، بل كل الأمراض المعدية».
وأوضحت الحميدان أن «فريق العمل في المختبر بدأ في مراقبة فيروس (كورونا) منذ لحظة الإعلان عن الحالات الأولى في الصين، وتابعنا تطورات الفيروس، وعلى مدى أيام متواصلة من العمل نجحنا في تطوير اختبار داخلي لتشخيص (كوفيد-19)، حيث لم تكن الاختبارات التجارية قد ظهرت نتيجة حداثة اكتشاف المرض».
وأشارت إلى أن «التسلسل الجيني للفيروس ظهر في 11 يناير الماضي، ومنذ هذه اللحظة بدأ فريق المختبر العمل والتواصل مع المنشآت الخارجية لتوفير المواد الجينومية للفيروس اللازمة لإجراء الاختبار الداخلي، وتم تجهيز الاختبار في أقل من أسبوع، وبدأنا في التواصل مع كل الجهات ذات الاختصاص وإبلاغهم بجاهزية المختبر لاستقبال عينات المشتبه في إصابتهم بالفيروس، وتم تشخيص أول حالة إصابة بـ(كورونا) في الدولة من خلال الاختبار الداخلي الذي نفذه علماء المختبر».
وبينت الحميدان أن «أهمية الاختبار الداخلي الذي طوره علماء المختبر تتمثل في أن التشخيص السريع يُعد أولى خطوات السيطرة على انتشار عدوى فيروس كورونا المستجد التي قد تنتقل عبر أشخاص ظهرت عليهم أعراض خفيفة للمرض، وربما لا يدرون حتى أنهم مصابون، لذلك كنا نسابق الزمن»، مشيرة إلى أن هذا الاختبار كان آمناً ودقيقاً، وبروتوكولاً يلتزم بخطوات أعلنتها منظمة الصحة العالمية.
وقالت: «عقب ذلك بدأت الاختبارات التجارية في الظهور، وتم الاستعانة في المختبر بأفضل هذه الاختبارات وأكثرها دقة لتسريع عملية اكتشاف حالات الإصابة، حيث إن الاختبارات الداخلية لا يمكنها إنجاز عدد كبير من العينات في اليوم، لذلك بدأنا في استخدام هذه الاختبارات في الفحوص، ما أدى إلى تطور قدرتنا الاستيعابية في المختبر وبتنا نستطيع عمل اختبارات لنحو 1500 عينة في اليوم».
وأوضحت الحميدان أن «عينات الفحص التي تصل إلى المختبر تأتي من أكثر من مكان وليس من مدينة الشيخ خليفة الطبية فقط، ويوجد آلية لاستلام العينات لضمان التعرف إليها وتتبعها في جميع المراحل، فبعد سحب العينة في المستشفيات أو المراكز الخاصة بفحص فيروس (كورونا) يتم تحويلها إلى مدينة الشيخ خليفة الطبية في منطقة الاستقبال، ويتم عمل تسجيل للعينات».
وأضافت: «الفحص المختبري لأي عينة يمر بثلاث مراحل: الأولى ما قبل الفحص المخبري، والثانية الفحص المخبري، وأخيراً ما بعد الفحص»، موضحة أن مرحلة ما قبل الفحص يتم خلالها تسجيل بيانات المريض داخل النظام الطبي، وتصدر بطاقة تعريفية للمريض تتضمن كل البيانات التفصيلية له ويتم أخذ المسحة من الشخص ولصق البيانات على أنبوب العينة، وبعدها يتم تجميع العينات، وإرسالها لمدينة الشيخ خليفة الطبية.
وتابعت: «المرحلة الثانية تبدأ عندما تصل العينات إلى المختبر، ويتم عمل مسح لها عبر النظام الآلي في المختبر، ثم ترسل العينات إلى منطقة الفحص الجزيئي داخل المختبر، التي يقوم عليها فنيون متخصصون».
وكشفت أن اعتمادهم في المختبر على اختبار الفحوص الجزيئية لأنه الأدق، وتتم عملية الفحص في هذا الاختبار عقب تجهيز العينة للبحث عن جينات الفيروس، وعقب ذلك يتم وضع العينة في جهاز «PCR» لتحديد النتيجة إذا كانت إيجابية أو سلبية، مشيرة إلى أن الاختبار يستغرق من ست إلى سبع ساعات، لكن مع الوضع الراهن وآلاف العينات المطلوب تجهيزها وفحصها قد يستغرق ظهور النتيجة 24 ساعة.
وأشارت الحميدان إلى أن فحص «كورونا» يدخل في دقته عوامل عدة، منها كمية الفيروس في الأنف أو الحلق خلال أخذ المسحة، ومدة إصابة الشخص وحضانته للفيروس، وعدد الفيروسات في العينة، وطريقة أخذ المسحة ومدى صحتها. وتابعت أنه «يتم الاحتفاظ بالعينات بعد الفحص داخل الثلاجات أياماً عدة لضمان عدم الحاجة إلى إعادة فحص أي منها، وعقب ذلك يتم التخلص منها، وتتضمن آلية التخلص المعالجة بالتعقيم الحراري للعينات الإيجابية للتأكد من خلوها من الفيروسات قبل التخلص منها، وفقاً للبروتوكول الخاص بالنفايات الطبية»، مؤكدة أن جميع العاملين في المختبر يلتزمون بالاحتياطات والإجراءات الاحترازية، وارتداء معدات الوقاية الشخصية في جميع مراحل العمل، لضمان عدم انتقال العدوى خلال التعامل مع أي عينة.
العلاج بـ «البلازما»
أفادت رئيسة مختبرات مدينة الشيخ خليفة الطبية بالإنابة، الدكتورة هبة الحميدان، بأن المختبر يشارك في التجربة الإماراتية الخاصة بعلاج فيروس «كوفيد-19» باستخدام بلازما الدم، من خلال إعطاء البلازما المأخوذة من شخص تعافى من فيروس كورونا إلى شخص مصاب بالفيروس يعاني أعراضاً متوسطة إلى شديدة، مشيرة إلى أن التبرع بالبلازما يتم في بنك الدم أبوظبي باستخدام جهاز فصادة الدم (apheresis)، حيث يستخلص جهاز الفصادة البلازما التي تحتوي على الأجسام المناعية التي تساعد في العلاج، ضمن المواصفات العالمية، حسب إرشادات المنظمة العالمية لنقل الدم، ومنظمة بنوك الدم الأميركية، وعادة ما تكون البلازما المستخلصة من متبرع واحد كافية لعلاج مريضين أو ثلاثة.
وأوضحت أن «المريض يتلقى البلازما بشكل تروية عبر الوريد، وعند دخول البلازما التي تحتوي على الأجسام المضادة إلى جسم المريض، تتولى تعزيز المناعة، وتهاجم الفيروس للحد من المرض ومضاعفاته، وذلك بناء على النتائج الأولية للدراسات الطبية».
«المختبر المرجعي» مزوّد بأحدث الأجهزة، ويضم كفاءات علمية عالية.
«المختبر» استخدم اختباراً داخلياً في الكشف عن أول إصابة بالفيروس، ويفحص 1500 عينة يومياً.
اختبارات حديثة
أكدت رئيسة مختبرات مدينة الشيخ خليفة الطبية بالإنابة، الدكتورة هبة الحميدان، أن «(كورونا) فيروس جديد، وجميع الشركات العالمية تعمل في الوقت الحالي على تطوير اختبارات تسهل وتسرع من عملية الفحص، ونحن بدورنا نتابع كل المستجدات الخاصة بكورونا، وأي اختبارات حديثة ستظهر وتكون آمنة وسريعة ودقيقة سيتم الاستعانة بها».
وقالت: «نعمل حالياً على الوصول لطريقة اختبار سريعة للعينات وتتمتع في الوقت نفسه بنتائج دقيقة، والجهات ذات الاختصاص تقدم لنا أوجه الدعم كافة، وأي جهاز قد نحتاجه يتم توفيره في وقت قياسي، ونحن بدورنا نطور من قدراتنا يومياً»، مشيرة إلى أن الكشف عن الفيروس يحتاج إلى عدد من الخطوات تستغرق ساعات وتتطلب فنيين يمتلكون مهارات عالية.
واجب وطني
قالت الدكتورة هبة الحميدان: «لدينا واجب وطني وواجب اجتماعي، وبصفتنا طاقماً طبياً أقسمنا أن نخدم المرضى، ونحن كأطباء ومنذ التفكير في ولوج هذا المجال كنا نعلم أننا من الممكن أن تواجهنا تحديات، وفي هذه الحالة يتم تقديم واجبنا الوطني والإنساني والمهني على أي أمر آخر، وعائلتي متفهمة لطبيعة عملي منذ التحاقي بكلية الطب، حيث ألزمتني الدراسة بالوجود أكثر من 15 عاماً خارج الدولة ما بين الدراسة والعمل، بجانب الدراسات العليا لاكتساب الخبرة اللازمة».
وأضافت: «لدي الدعم الكافي في المنزل لمواصلة عملي في مكافحة هذا الوباء، والقيادة قدرت الطاقم الطبي، وأعطتنا كل الدعم والاهتمام الذي نتمناه، وساعدتنا في الحصول على كل ما نحتاجه في المختبر لتسهيل عملنا».