الإمارات.. «مرونة اقتصادية» لمواجهـة الأزمات الطارئة ودفع عجلة النمو

تناقش القمة العالمية للحكومات 2023 مجموعة من المحاور التي تشغل أجندات حكومات العالم، وأهم التوجهات العالمية في عدد من القطاعات الحيوية، بما في ذلك محور «حوكمة المرونة الاقتصادية والتواصل»، الذي سيناقش عمليات دعم وتطبيق الأطر والهياكل الاقتصادية والسياسات التي تسهم في تعزيز الانتعاش الاقتصادي، إضافة إلى تمكين الحكومات من تحقيق المرونة الاقتصادية والازدهار والشفافية عن طريق الحد من آثار الأزمات.

واحتلت دولة الإمارات مراكز متقدمة في مجموعة من المؤشرات الدولية الخاصة بالمرونة الاقتصادية، وحلت في المركز الأول بين دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والمركز الـ22 عالمياً في «مؤشر المرونة» الصادر عن شركة «إف آند إم» الأميركية العالمية لعام 2022، الذي يعتمد في تصنيفه مستويات المرونة لدى الدول على عوامل رئيسة تتمثل في حالة الاقتصاد، وسلاسل الإمداد والقدرة على التعامل مع المتغيرات.

وحلت دولة الإمارات أيضاً في المركز الأول عالمياً على مؤشرات «بلومبيرغ» الدورية لأفضل الدول مرونة في التعامل مع جائحة «كوفيد-19»، من الناحية الصحية، وقدرة اقتصادها على النمو والتعامل مع تداعيات الجائحة، جراء استراتيجيتها طويلة الأمد التي تجمع بين اتخاذ التدابير الوقائية والإجراءات الاحترازية لحماية السكان، وجاءت الإمارات أيضاً بين الدول الـ10 الكبار في أكثر من 28 مؤشراً، من أبرز مؤشرات التنافسية العالمية لعام 2022، في مختلف قطاعات المالية والاقتصاد والتجارة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والاستثمار.

وفي قطاع التجارة، أشار المركز إلى أن الإمارات جاءت في المركز الأول عالمياً في مؤشر نمو استيراد السلع والخدمات التجارية، والثالثة في مؤشر نسبة الصادرات من السلع، والخامسة في مؤشر صادرات السلع للفرد، وفقاً لتقرير الكتاب السنوي للتنافسية العالمية 2022، الصادر عن المعهد الدولي للتنمية الإدارية.

وتصدرت دولة الإمارات المركز الأول عربياً، في مؤشر التعافي الاقتصادي من آثار وباء «كوفيد-19» الذي نشرته مجموعة هورايزون البحثية، لتقييم الإمكانات والمقومات التي تمتلكها الدول، والتي تساعدها على تجاوز الأزمة والتعافي منها، وذلك بهدف تطوير سياسات فعالة للتعامل مع هذا التحدي، وبما يدعم الجهود الرامية إلى تحقيق التعافي الكامل في القطاعات كافة.

ووفقاً لتقرير «تعزيز المرونة الاقتصادية»، الصادر عن منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، فإن المرونة الاقتصادية تشير إلى القدرة على التعافي السريع للاقتصادات من الأزمات العالمية، من خلال تعزيز وتنفيذ سياسات تهدف إلى التخفيف من مخاطر وعواقب الأزمات الشديدة.

ويشير التقرير إلى أن الصدمات ضمن اقتصاداتنا المترابطة عالمياً هي جزء من النظام الاقتصادي، ويمكن أن تتحول إلى ركود اقتصادي عالمي حاد، من خلال الإخفاقات المتتالية عبر النظام بأكمله، ما يسهم في تزايد عدم المساواة وتآكل الثقة.

وأوضح أن «بناء المرونة عبر اقتصاداتنا ككل يتطلب نهجاً متكاملاً لمنع تراكم نقاط الضعف، وتقليل التعرض للصدمات؛ أو امتصاصها عند حدوثها؛ والتعافي بسرعة، وبشكل مستدام منها، من خلال التكيف».

وشدد على أن «بناء اقتصادات ومجتمعات مرنة يتطلب أيضاً وجود نظام للتعامل مع مجموعة متنوعة من المخاطر المعروفة وغير المعروفة، من الأوبئة وغيرها، لذلك فإن بناء رأس المال الوقائي والثقة يساعدان على تقليل التكاليف المتوقعة جراء الأزمات المستقبلية، وهذا يستدعي تعزيز قدرة النظام الاقتصادي لتحمل أو امتصاص مجموعة متنوعة من الصدمات والتكيف».

وأشار إلى ضرورة العمل لضمان سلاسل التوريد العالمية، خصوصاً خلال الأزمات، واتباع آليات مرنة من خلال التعاون الدولي وبناء أنظمة تحافظ على الأسواق مفتوحة ودعم الفوائد من اقتصاد عالمي ومترابط، فالتعاون الدولي بشأن المعايير واللوائح ضروري لضمان أن الجميع يستطيعون الاستفادة من الانفتاح العالمي، لمنع تجزئة السوق ومواءمة التدفقات التجارية العالمية والاستثمار.

وبين التقرير أنه مع الاعتراف بالتنوع اللامتناهي للأزمات المستقبلية التي لا يمكن التنبؤ بها وقياسها بشكل كافٍ، ولا يمكن فهم آثارها بشكل كامل مسبقاً، على الحكومات حول العالم أن تتعلم الدروس من الأزمات السابقة، لضمان أن أنظمتنا الاقتصادية الدولية يمكنها تحمل مجموعة واسعة من المشكلات الطارئة، وتسهيل عملية التعافي، بالاعتماد على نقاط القوة في السوق العالمية المترابطة الشفافة.

وذكر أنه يمكن للحكومات مراجعة سياسات وأطر إدارة المخاطر لضمان إيجاد إطار شامل لجميع التحديات، بما في ذلك العمل على حوكمة المخاطر الحرجة، على تكون مدعومة بتقييم شامل للدروس المستفادة من الأزمات السابقة مثل الأزمة المالية العالمية في عام 2008، وجائحة كورونا في عام 2020، بما في ذلك قياس التأهب والاستجابات، إضافة إلى تحديد مؤشرات الضعف والصلات البينية المحتملة للتخفيف من النتائج السلبية العابرة للحدود.

وأضاف أنه على سبيل المثال في المجالات الاقتصادية والمالية، يمكن أن تشمل هذه الأطر والسياسات، مقاييس الوصول إلى الائتمان واستخدامه، وممارسات السوق التنافسية، فضلاً عن سهولة ممارسة الأعمال التجارية، وتكاليف المعيشة.

وبين أنه في مواجهة الصدمات العالمية، أصبح ضمان مرونة سلاسل التوريد العالمية عاملاً رئيساً، يجب أن يحظى باهتمام صانعي السياسات والمواطنين على حدٍّ سواء، لضمان توفير السلع الأساسية ودعمها في إطار اقتصاد عالمي قوي ومرن على نطاق أوسع، وتعزيز التعاون مع القطاع الخاص وتحسين استراتيجيات التخطيط الوطنية والدولية.

وأكد أهمية تعزيز مرونة البنية التحتية الحيوية وزيادة التعاون الدولي لتحقيق نظام تجاري دولي مستقر، يمكن التنبؤ به، وقائم على القواعد، لضمان قدرة الاقتصادات على التعافي من مجموعة واسعة من الأزمات.

وأشار إلى أن الاقتصاد العالمي المرن يحتاج إلى مؤسسات وقواعد ومعايير قوية، لضمان الانفتاح والنزاهة وأسواق مبتكرة تعمل على مستوى عالمي، بما يضمن النمو الشامل والمستدام ويعزز الثقة، موضحاً أنه يمكن للحكومات أن توافق على العمل بشكل جماعي لتعزيز المرونة، من خلال تقديم الدعم الفعال لإصلاح النظام التجاري متعدد الأطراف القائم على القواعد، والمُجسد في منظمة التجارة العالمية، بما في ذلك تعزيز ضوابط منظمة التجارة العالمية، بحيث يمكن للحكومات العمل معاً لضمان أسواق عالمية موثوقة، يمكن التنبؤ بها.

«الجائحة» أدت إلى تسريع الحكومات رقمنة خدماتها، وأكدت ضرورة إتاحة الخدمات للجميع.

يمكن للحكومات مراجعة سياسات وأطر إدارة المخاطر، لضمان إيجاد إطار شامل لجميع التحديات.

الأكثر مشاركة