نقطة حبر

في رحاب عطر أبوظبي الدولي للكتاب

ستظل للقراءة نكهتها الخاصة في الإبداع الفكري والحضاري للفرد والمجتمع، وهي رحلة طويلة في سبر أغوار ثقافات الشعوب وحضاراتهم والتعرف إلى الإنسان عبر الأزمنة والأماكن مهما اختلفت.

والقراءة على الرغم من تميز الدراسات العلمية والبحثية بشأنها فإنه لايزال هناك اختلاف في نتائج هذه الدراسات حول ماهية القراءة، وهل هي علم أم فن أم هواية أم مهارة، وهذا الخلاف والاختلاف يتيح للقراءة بمظلتها الوارفة أن تشمل بعض ذلك وكله، فهي علم وفن وهواية وموهبة وعادة يمكن للفرد التعامل معها من هذا المنظور الفكري.

وفي هذا الصدد فإن القراءة بمفهومها الشامل هي غذاء الروح والفكر ونافذة الإنسان على العالم الذي يعيشه اليوم حاضراً، وعلى الماضي الذي سبقه في الأزمنة السحيقة، وعلى المستقبل الذي يرسمه في خياله الآن دون أن يعرف ملامحه، فالقراءة هي ذلك الوعي العقلي والفكري الذي يأخذ من عِبر الماضي لينهض بالحاضر وليرسم خارطة طريق مشرقة لغدٍ لم يأتِ بعد.

وفي رحاب معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2022 الذي يجمع هذه العقول والأفئدة على محبة القراءة والفكر والألق الإبداعي والابتكاري تمتعنا وسعدنا بهذا الحضور الفكري، وذلك الزخم الثقافي الذي حمله معرض أبوظبي الدولي للكتاب إلى عاصمة الثقافة ومنارة الإشعاع الفكري والحضاري، العاصمة أبوظبي التي تشرق فكراً وتسامحاً وتعايشاً حضارياً على ثقافات وتقاليد وحضارات مختلف شعوب العالم في نهجها اليومي، وقوتها الناعمة، وفلسفتها في مد جسور التواصل الحضاري.

لقد شهدت صناعة المعارض الدولية للكتاب في دولة الإمارات نهضة غير مسبوقة وتميزاً رائداً يعكس رؤية القيادة الرشيدة ورعايتها للقراءة واهتمامها بالفعاليات المرتبطة بها، ومن هنا جاء التميز الكبير لمعارض الكتب الدولية في وطننا الغالي، هذه المعارض التي تستقطب كبار المثقفين والأدباء ومختلف فئات الجمهور، واليوم وفي معرض أبوظبي الدولي للكتاب تبرز شخصية الأديب العربي طه حسين الذي يحتفي به المعرض كأحد رواد التنوير في الحضارة العربية، وصاحب الإسهامات البارزة في أدب اللغة العربية، وهي فرصة للأجيال الناشئة للتعرف إلى هؤلاء الكتاب وما ارتبط بهم من إبداعات فكرية وبلاغية تنهض بلغتنا العربية اللغة الأم.

إن سعادتنا كبيرة ونحن نرى الأسرة كاملة في أروقة معرض الكتاب، الأب والأم وهم يحيطون بالأبناء والبنات في حنان ورعاية أبوية ويأخذون بأيديهم إلى مختلف الأجنحة المشاركة، ويتشارك الأبناء مع الأبناء والأمهات في اختيار الكتب والمراجع العلمية والثقافية، ويتقاسمون جميعاً رحيق الفكر للكاتب والمؤلف، ويتبادلون الرؤى حول ما يحتويه هذا الكتاب، ويدور في ما بينهم نقاش حول رجع الصدى لما تم طرحه من فكر ورأي ومعلومة في هذا المؤلف أو غيره من المؤلفات.

ما أجمل أن تكون القراءة مائدة الأسرة ورحيق الفكر وبستان الإبداع.

أمين عام جائزة خليفة التربوية

تويتر