«الجزء الثاني»

منظومة التعليم في الإمارات.. شمولية النهج وتكاملية التطبيق تعليم مدى الحياة... تعليم للجميع

استجابة لما يفرضه الواقع العالمي من متغيرات معرفية واقتصادية، وما أفرزته الثورة الصناعية الرابعة، وما سيتأتى عنها لاحقاً من تسارع خطى الإنتاجية والتقدم، أصبح لزاماً علينا أن نكون على خط تماس واحد لاستيعاب ومواكبة هذه التغيرات المتسارعة، وهذا الحاصل والتوجيه القائم من قبل الحكومة للمضي قدماً في جعل النظام التعليمي في دولتنا الحبيبة، قادراً على تحقيق أهداف لها أبعاد معرفية مستدامة مهمة، لاسيما أن هدف التعليم والتعلم لم يعد تحصيل المعلومات، بل بناء تراكم شمولي قيمي وفكري ومعرفي ومهاري للمتعلمين بغرض إنتاج المعرفة مدى الحياة؛ بهدف عام هو التعزيز المتواصل لجودة حياة الفرد ومجتمعه، فمع توسع البحوث، وتعمق معرفتنا بالعقل البشري تنامى الوعي بأهمية النظر إلى التعلم والتعليم باعتبارهما نشاطين يبدآن مع تشكل حياة الجنين ليستمرا مدى الحياة.

والحقيقة أن كل المبادرات التطويرية في قطاع التعليم في الدولة تستهدف في جوهرها تعزيز مبادئ وممارسات وممكنات التعلم مدى الحياة. وفي هذا السياق نؤكد على أن الجهود المستمرة لتطوير مرحلة الطفولة المبكرة في دولة الإمارات لا ترمي فقط إلى زيادة أعداد المنتسبين لرياض الأطفال، أو تطوير مناهجها، أو تدريب الكفاءات التعليمية من مدرسي وقيادات هذه المرحلة، بل يتجاوزه إلى كون العمر من 0 إلى 4 يعد جزءاً أساسياً من هذه المرحلة، حيث نستمر في العمل، بوصفه جزءاً من مسؤوليتنا، مع الوزارات والجهات ذات الصلة من أولياء الأمور وغيرهم؛ لضمان تطوير وتفعيل سياسات وأطر وأدوات ومصادر تساند النمو النفسي والعقلي والجسدي للطفل خلال فترة الحمل، والسنوات الأولى في حياته.

إن المجتمع التعليمي عالمياً يتفق، وبشكل كامل، على المنافع المهمة لتأطير التعلم والتعليم في مرحلة الطفولة المبكرة، ومساندة الأهل وذوي الصلة في هذا الجانب، كما أن الجهود المبذولة في مرحلة ما قبل المدرسة سيكون لها بالغ الأثر في تعزيز جاهزية الطلبة النفسية والعقلية والسلوكية للاستفادة القصوى من منظومتنا في التعليم العام. وفي هذا الصدد نرى دوراً كبيراً للتعليم المدرسي والجامعي، ليس فقط عبْر تقديم تعليم متميز الجودة، بل من خلال تأهيل المتعلمين بالممكنات الضرورية، ومنها الوعي والدافعية والمهارات العقلية والسلوكية؛ ليستمروا في التعلم مدى الحياة.

وإن كان التعلم مدى الحياة يشكل أحد الأبعاد المهمة في المنهجية الشمولية الضرورية للارتقاء المستمر بالتعليم في دولتنا، فإن توفير التعليم المميز لفئات الطلبة كافة، وبما يتوافق مع احتياجاتهم وميولهم وقدراتهم يمثل بعْداً آخر لا يقل أهمية.

وكما هو معلوم للجميع، فإن دولتنا ملتزمة بأهداف التنمية المستدامة التي وضعتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2015 والمراد تحقيقها بحلول عام 2030، حيث يركز الهدف الرابع على ضمان جودة التعليم الشامل، والعادل، وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة للجميع. والحقيقة أن التزام دولتنا بتوفير التعليم لفئات الطلبة كافة من حيث المبدأ والتطبيق هو جزء أساسي من فلسفة منظومتنا التعليمية منذ نشأتها. إن تحقيق غاية كهذه يتطلب من النظام التعليمي وبمستوياته جميعها، ومن حيث التصميم والتطبيق أن يوفر بدوره: منظومة تعليمية مستدامة واستباقية لأصحاب الهمم من الكشف المبكر إلى الانخراط الأمثل في المجتمع، ومنظومة استباقية مستدامة لاكتشاف ورعاية وتطوير الموهوبين، وتعدد في المسارات الأكاديمية والمهنية بما يتيح خيارات متنوعة للطلبة بما يتوافق مع ميولهم وقدراتهم وطموحاتهم، وينسجم مع احتياجات سوق العمل والخطط التنموية الوطنية. والمطلع على نشأة وتطور منظومة «المدرسة الإماراتية» (منظومة التعليم الحكومي العام لدولة الإمارات)، لا شك سيلاحظ الحرص على أن تكون مجهزة بالممكنات سابقة الذكر كافة، لتوفير «تعليم مميز للجميع».

وزير التربية والتعليم

تويتر